Monday, February 11, 2019

مقاهي دمشق منذ البدايات وحتّى القرن التاسع عشر


أرفق أدناه رابط المقال الأصلي بالفرنسيّة ويمكن للملمّ بهذه اللغة والمهتمّ بالتوسّع مطالعة صفحاته العشرين بالكامل في أمسية وأعتقد أنّه جدير بالقراءة. المؤلّفة Brigitte Marino (لها كتاب قيّم عن حيّ الميدان في العهد العثماني) والمقال يعود لعام  ١٩٩٥. أستعرض فيما يلي بسرعة بعض ما وجدته جديراً بالاهتمام فيه. 

يعود أصل القهوة إلى اليمن ودخلت بلاد الشام في القرن السادس عشر ودرجت بسرعة رغم اختلاف العلماء على جواز احتسائها من عدمه. من القهوة أتت المقاهي ولدينا كميّة لا بأس بها من المعلومات عنها من عدّة مصادر منها روايات الرحّالة الأوروبييّن ومنها الأوقاف وسجلّات المحاكم. يعود الفضل في أقدم مقهى مذكور في المصادر المتوافرة إلى مراد باشا الذي جعله وقفاً عام ١٥٩٥ وكان موضعه بجوار الجامع الأموي. أوقف سنان باشا في العام الذي تلاه ثلاثة مقاهي للمؤسّسات الدينيّة إثنان منها في العمارة وباب مصلّى. شهد منتصف القرن الثامن عشر مقهى في الميدان أمر ببناءه فتحي أفندي الدفتردار وتجاوز عدد المقاهي المائة خلال القرن التاسع عشر.   

تمايزت المقاهي وفقاً لعدّة معايير فمنها الكبيرة على ضفاف بردى وأقنيته وهي التي جذبت انتباه الرحّالة الغربييّن الذين وصفوها ورسموها وبالنتيجة صوّروها ومنها الصغيرة داخل المدينة ونعرفها بالدرجة الأولى من سجلّات المحاكم المتعلّقة بالبيع والشراء والإرث والتأجير. المعلومات عن عمارة هذه المقاهي قليلة للغاية ويعوّض عن ذلك وصف مفصّل لجوارها وكثير منها تواجد قرب الجوامع والحمّامات ودكاكين الحلّاقين ولا غرابة في ذلك إذ قد يحلو لمن يستحمّ (أثناء الاسترخاء في "البرّاني") أو يقصّ شعره أن يستمتع بارتشاف القهوة بعد قضاء حاجته الأساسيّة. الأثاث بسيط ويقتصر على البسط والحصر والطنافس والسجّاد والمصاطب والكراسي والتخوت والقناديل للإضاءة. تتكوّن "العدّة" من الأركيلة و"الدولة" والفناجين ويمكن أخذ فكرة عن حجم المقهى بعدد أراكيله وكراسيه. 

الزبائن متنوّعون فمنهم العسكر ومنهم المدنييّن وتخدم بعض المقاهي جماعات حرفيّة معيّنة أو قوميّة كالأكراد والدروز وغيرهم. حاول بعض المسؤولين منع تعاطي القهوة والتبغ دون جدوى ويخبرنا البديري الحلّاق (منتصف القرن الثامن عشر عن تفشّي ظاهرة التدخين وشرب القهوة من قبل النساء اللواتي يجلسن على ضفاف بردى كالرجال وحبّة مسك. بعض المقاهي كانت مشبوهة يرتادها المثلييّن والبغايا (اشتكى سكّان حيّ قرب جامع درويش باشا عام ١٧٤١ من الفواحش المرتكبة في أحد المقاهي فأمر القاضي بإغلاقه).

وسائل التسليّة تتراوح بين التدخين والموسيقى والغناء والرقص الذي تقوم به "العالمة" وهناك أيضاً الحكواتي والكراكوز

كانت المقاهي أحد مصادر دخل الإنكشاريّة الذين استفادوا من الضرائب المفروضة عليها واستثمروا فيها ولم يمنع الجدل القائم حتّى القرن التاسع عشر على شرعيّة وأخلاقيّة هذه المؤسّسات النساء وحتّى القصّر من توظيف أموالهم فيها. 

وصف Addison دمشق عام ١٨٣٨ بباريس الشرق مستنداً في ذلك على عدد مقاهيها وجمال هذه المقاهي ولربّما جازت مقارنتها في هذا المجال مع كبريات مدن الإمبراطوريّة العثمانيّة كالقسطنطينيّة والقاهرة. 




No comments:

Post a Comment