لا خلاف أنّ هذا الحريق الذي أجهز على جامع الوليد أو كاد في أواخر العهد الفاطمي كان من أكبر الكوارث التي مرّت على أهمّ أوابد دمشق قاطبة في تاريخه الطويل وهو موثّق بما لا يحتمل الشكّ في كتابات المؤرّخين وإن لم يذكره ابن جبير الذي زار المدينة ووصف جامعها بدقّة مدهشة عام ١١٨٤.
لدينا العديد من الصور الفوتوغرافيّة للجامع قبل وبعد آخر حرائقه المدمّرة عام ١٨٩٣ ومع الأسف لا يوجد لوحات من أي نوع لتعطينا فكرة عن وضعه قبل ١٠٦٩ وإن أمكن تصوّره بشكل معقول عن طريق استقراء النصوص التاريخيّة وهذا ما قام به المهندس الفنّان Phené Spiers في كتابه الصادر عام ١٩٠٥ "العمارة بين الشرق والغرب". الأسطر التالية ترجمة (صفحة ٢٣٦ الرابط أدناه) لما قاله بصدد الصورة أعلاه لممرّ الحرم الشمالي الشرقي:
فلننظر الآن إلى بقيّة الترميمات التي أجريت بعد حريق ١٠٦٩. قام الفارس Sir Charles Wilson عام ١٨٦٥ بقياس الجامع ولاحظ استعمال عدّة أعمدة أصغر مقاساً في القسم الشرقي من البناء وأنّ هذه الأعمدة كانت في بعض الأحوال قائمة على قطع من الأعمدة الأصليّة "تعلوا سارية بمحيط ستّة أقدام سارية أقدم منها بمحيط سبعة أقدام وبوصة ونصف مكسورة على مسافة قدمين فوق قاعدتها". وأيضاً: "هناك تيجان مختلفة في النصف الشرقي ويتبع إثنان منها في الزاوية الجنوبيّة الشرقيّة النموذج الإيوني والكثير من التيجان القورنثيّة المأخوذة من المباني القديمة صغيرة بالنسبة للأعمدة التي تحملها". ما جرى في الواقع أنّ المدينة في النصف الثاني للقرن الحادي عشر لم تعد تتمتّع بالكميّة الوافرة من الآثار الرومانيّة القديمة التي نهل الوليد من معينها في مطلع القرن الثامن عندما بدأ في بناء الجامع وبالتالي نرى بعد ١٠٦٩ أعمدة مختلفة التيجان وأصغر قياساً.
No comments:
Post a Comment