Monday, October 9, 2017

فلسطين عام ١٩٢٩: وجهة نظر من مصر


وقعت الأحداث المشار إليها في القدس في آب أغسطس عام ١٩٢٩ عندما اشتبك الفلسطينيّون مع المهاجرين اليهود وسقط مئات القتلى والجرحى من الطرفين والسبب خلاف على حائط المبكى (وجهة نظر اليهود) أو الجدار الغربي للحرم الشريف (منظور إسلامي) ويجب التوضيح منذ البداية أنّ المقال يمثّل "وجهة نظر من مصر" وليس "وجهة نظر مصر" والسبب بسيط: رغم أنّ المجلّة مصريّة فالمقال باللغة الفرنسيّة ولو كان بالعربيّة فعلى الأغلب لن يستسيغه سواد الشعب المصري الذي كان وقتها كمعظم الشعوب العربيّة أميّاً في أغلبيته ناهيك أن يقرأ ما تكتبه المنشورات باللغة الأجنبيّة الموجّهة لأرستقراطية مصر والجاليات الأوروبيّة فيها وما أكثرها في ذلك الوقت. علاوة على ذلك كانت مصر وقتها وطناً لأقليّة يهوديّة متنفّذة وغنيّة. 



فلبدأ بالتعرّف على المجلّة Images وهي من منشورات دار الهلال التي أسّسها السيّدان إميل وشكري زيدان أمّا عن العدد المذكور فقد صدر في ٨ أيلول سبتمبر ١٩٢٩ بثمن عشرة ملاليم يحصل القارىء بواسطتها على ٢٤ صفحة من القطع الكبير ٢٩ سم في ٤٢ سم تحتوي على منوّعات سياسيّة محليّة وعالميّة وآخر أخبار هاليوود وآخر الأزياء النسائيّة الأوروبيّة وأخبار عن الرياضة وكاريكاتورات ودعايات ونكات ونوادر وقصّة العبّاسة أخت هارون الرشيد على حلقات (تأليف جرجي زيدان) وكلّ هذا بالفرنسيّة كما أشرت. 

لم تكن مصر عام ١٩٢٩ ملكيّة مطلقة على غرار الممالك والإمارات زالسلطنات العربيّة الحاليّة. للملك نفوذه طبعاً ولكن الوجود الإنجليزي وقوّة حزب الوفد وقتها كانت تحدّ من هذا النفوذ دون التطرّق إلى الأزهر والمؤسّسة أو المؤسّسات الدينيّة. بالنتيجة إن لم يكن هناك "ديمقراطيّة" مصريّة بمفهومها الحديث فهناك على الأقلّ تعدّدية تسمح بنشر آراء متغايرة وحتّى أحياناً على طرفي نقيض بعضها من البعض الآخر.  

تبدو المقدّمة طويلة ولكنّها ضروريّة لشرح خلفيّات ظهور مقال صهيوني الهوى في مجلّة مصريّة ولتجنّب الإطالة سأقوم بترجمة بعض الفقرات التي اعتبرتها أكثر أهميّة وأرفق نصّ المقال مع الصور الملحقة لمن يريد المزيد من التفاصيل.

الصورة العليا ليهود يصلّون لدى حائط المبكى والدنيا لشارع حديث في تلّ أبيب

أحداث فلسطين

"لم يكن لأحد أن يتخيّل النتائج المأساوية والدامية عندما صدر تصريح بلفور المشهور الذي أعطى اليهود أخيراً الأمل في تحقيق طموحاتهم القديمة قدم التاريخ. ها نحن نشاهد بلداً برمّته يخرّب لسنوات طويلة ويتراجع القهقرى خاسراً في بضعة أيّام ثمرات نشاط دؤوب وخصب. لقد فقد هذا المثال الذي أشار إعجاب وفود العالم بأسره خلال المؤتمر الصهيوني في الشهر الماضي خلال ساعات من الدم والنار كلّ جمال وعظمة مبادرته."

الصورة على اليمين لباخرة تنقل مهاجرين يهود من نيويورك إلى فلسطين وعلى اليسار صورة لأحد الحاخامات


"الشعبان اليهودي والعربي يقومان بالقتل والحرق والتخريب. أصبح أصدقاء الأمس أعداء اليوم يتجابهون في كراهية عنيفة تغذّيها رياح التعصّب الديني....نحن لا نريد أن نبحث عن المذنب فتحقيق السلطات المعنيّة سيسمح قريباً بتحديد المسؤولين من الطرفين."

الصورة العليا على الشمال للساسي الفرنسي المخضرم جورج كليمنصو الصور السفلى من اليسار إلى اليمين للسير هربرت صموئيل والدكتور حاييم وايزمان وسلطان باشا الأطرش

"طالما وجد الإنسان اليهودي فسيستمرّ بحكم الطبيعة متعلّقاً بهذا الرمز الذي يمثّل بالنسبة إليه عظمة عرقه الماضية وسيطالب باستملاكها.....حائط المبكى بالنسبة لليهودي مقدّس إلى درجة أنّ أي غريب يحاول المسّ بحقوقه فيه يجعل نفسه عرضة للإدانة من اليهود عموماً.... ستبقى المذابح التي حلّت بالمستعمرات اليهوديّة في فلسطين نقطة سوداء في تاريخ الإنسانيّة... ما لم يتمّ نبذ هذه الأعمال بشدّة وباستعمال كلّ الوسائل فستتكرّر أهوال مشاهد الاضطهاد ضدّ اليهود pogromes التي شهدناها في روسيا وأوكرانيا".

الصورة على اليسار للبوليس الفلسطيني وهو يفتّش العرب. الصورتان على اليمين في الأعلى الشباب في دمشق يتظاهرون ضدّ الصهيونيّة وفي الأسفل مهاجرين يهود يرحلون عن القدس هرباً من القلاقل


"من اللا إنسانيّة أن يذبح عرقان متآخيان في الأصول واللغة بعضهم بعضاً بينما لا تطلب جمهرة الناس إلّا أن تعيش بأمان وطمأنينة...رسالة موسى ويسوع ومحمّد واحدة وعندما يتّفق أهل الأرض على هذه النقطة ينتهي التعصّب وتنتهي الخلافات الدينيّة".      

No comments:

Post a Comment