Monday, October 9, 2017

فلسطين ١٩٢٩: وجهة نظر من مصر


نشرت مجلّة Images المصريّة (منشورات دار الهلال) في عددِها الثاني الصادر في الثامن من أيلول سپتمبر عام  ١٩٢٩ مقالاً عن "أعمال الشغب" riots في القدس (ما أسماهُ العرب "ثورة البراق") في آب أغسطس من نفس العام، عندما اشتبك الفلسطينيّون مع المهاجرين اليهود وسقط مئات القتلى والجرحى من الطرفين. السببُ المباشر خلافٌ على حائط المبكى (وجهة نظر اليهود) أو الجدار الغربي للحرم الشريف (من منظور إسلامي). يتعيّن هنا التوكيد أنّ المقال يمثّل "وجهة نظر من مصر" وليس "وجهة نظر مصر" والسبب بسيط: المجلّةُ مصريّة بيدَ أنَّ المقال بالفرنسيّة، ولو كان بالعربيّة فعلى الأرجح لن يستسيغه سوادُ الشعب المصري الذي كان وقتها، كمعظم الشعوب العربيّة، أميّاً في أغلبيّتِهِ، ناهيك أن يقرأ منشوراتٍ أجنبيّة موجّهة بالدرجة الأولى إلى أرستقراطيّة مصر، والجاليات الأوروپيّة فيها وما أكثرها في ذلك الوقت. علاوةً على ذلك كانت مصر وقتها وطناً لأقليّةٍ يهوديّة متنفّذة وغنيّة.

هذه المقدّمة ضروريّةٌ لشرح خلفيّات ظهور مقال صهيوني الهوى في مجلّةٍ مصريّة. سأقوم، لتجنّب الإطالة، بتعريب بعض الفقرات التي اعتبرتها أكثر أهميّةً.

____________

أحداث فلسطين

"لم يكن لأحد أن يتخيّل النتائج المأساويّة الدامية عندما صدر تصريح بلفور الشهير الذي أعطى اليهود أخيراً الأمل في تحقيق طموحاتهِم القديمة قِدَم التاريخ. ها نحن نشاهدُ بلداً برمّتِهِ يُخَرَّب لسنواتٍ طويلة، ويتراجع القهقرى خاسراً في بضعةِ أيّام ثمراتِ نشاطٍ دؤوب وخصب. فَقَدَ هذا المثال الذي أشار إعجاب وفود العالم بأسرِهِ خلال المؤتمر الصهيوني في الشهر الماضي، خلال ساعاتٍ من الدم والنار، كلَّ جمال وعظمة مبادرتِهِ."

"الشعبان اليهودي والعربي يرتكبان القتل والحرق والتخريب. أصبحَ أصدقاءُ الأمس أعداءَ اليوم، يتجابهون في كراهيةٍ عنيفة تغذّيها رياح التعصّب الديني.... لا نريد البحثَ عن المذنب، قريباً سيسمح تحقيقُ السلطات المعنيّة بتحديد المسؤولين من الطرفين."

"طالما وُجِدَ الإنسان اليهودي فسيستمرّ بحكم طبيعتِهِ متعلّقاً بهذا الرمز الذي يمثّل بالنسبةِ إليه عظمةَ عِرْقِهِ الماضية، وسيطالب باستملاكها..... حائطُ المبكى لليهودي مقدّسٌ إلى درجة تعريض أي غريب يحاول المسّ بحقوقِهِ فيه لإدانة اليهود عموماً.... ستبقى المذابحُ التي حلّت بالمستعمرات اليهوديّة في فلسطين نقطةً سوداءَ في تاريخ الإنسانيّة... وما لم تُنْبَذ هذه الأعمال بشدّةٍ وباستعمال كافّةِ الوسائل، فستتكرّر أهوال مشاهد الاضطهاد ضدّ اليهود pogromes التي رأيناها في روسيا وأوكرانيا".

"من اللا إنسانيّة أن يذبحَ عِرقان متآخيان في الأصول واللغة بعضَهم بعضاً، في الوقت الذي تقتَصِرُ فيهِ مطالبُ الجماهير على العيش بأمان وطمأنينة... رسالةُ موسى ويسوع ومحمّد واحدة، وعندما يتّفق أهل الأرض على هذه النقطة سينتهي التعصّب وتنتهي الخلافاتُ الدينيّة".      

No comments:

Post a Comment