اعتمدت المجتمعات الزراعيّة منذ القدم بشكل أو بآخر التقويم الشمسي لتحديد الوقت الأكثر ملائمة للبذر والسقاية والحصاد وعلّ هذا كان مصدر إلهام كثير من الديانات العريقة التي قامت ولو رمزيّاً -بل وأحياناً لا شعوريّاً- بالربط بين موت الطبيعة في الشتاء وبعثها في الربيع وبين أساطيرها ومعتقداتها وممارسات كهنتها ومؤمنيها من أوزيريس المصري مروراً بأدونيس الكنعاني ونهاية بالمسيحيّة. انتشرت عبادة الإله Mithras -أحد ديانات الخصوبة- من إيران إلى العالم الهلنستي ومن ثمّ الروماني وشاعت ممارستها في أرجاء الإمبراطوريّة الرومانيّة بين القرن الأوّل والقرن الرايع الميلادي.
نرى في النحتين البازلتيّين المرفقين Mithras يذبح الثور في أحد الطقوس الأساسيّة لهذه الديانة التي يجدّد فيها دم الحيوان المذبوح خصوبة الأرض. أبعاد النحت الأوّل ٧٢ سم في ٥٨ سم في ١٠ سم ويعود للقرن الثالث الميلادي وتمّ اكتشافه على يد بعثة علميّة أمريكيّة من جامعة Princeton قبل حوالي القرن (عام ١٩١٩) في قرية سيع في محافظة القنيطرة وحفظ لفترة في دار المعلّمين على أوتوستراد المزّة قبل أن يستحوذ عليه متحف دمشق الوطني حيث يوجد حاليّاً. مصدر النحت الثاني في الأسفل أيضاً مكان قرب سيع وهو كذلك من البازلت بأبعاد ١١٢ سم في ١٠٦ سم في ٤،٥ سم ويعود لنفس العهد (درسه للدكتور سليم عبد الحقّ في مطلع الخمسينات).
أخيراً تجدر الإشارة أنّ اللجوء لاستعمال التماثيل والمنحوتات الأثريّة كمواد بناء في البيوت والأبنية الحديثة نسبيّاً أمر شائع في جبل العرب كما هو في سائر أنحاء سوريا بما فيها دمشق ممّا يشوّه المعالم ويؤدّي بالنتيجة إلى ضياع كثير من هذه الكنوز التي لاتقدّر بثمن.
Thomas M. Weber
Sculptures from Roman Syria
Wernersche Verlagsgesellschaft. Worms
2006
No comments:
Post a Comment