Monday, February 26, 2018

الاقتصاد السوري في الستينات والسبعينات


يرسم الأستاذ Michel Chatelus الخطوط العريضة لتطوّر الاقتصاد السوري خلال حوالي عشرين سنة تنتهي مع صدور كتاب La Syrie d'Aujourd'hui عام ١٩٨٠ (المعلومات مأخوذة من الفصل السابع لهذا الكتاب وهو مجّاني في الرابط الملحق لمن يريد التوسّع). الأرقام السوريّة الرسميّة تفتقر إلى الدقّة ومع ذلك يمكن من خلالها وخلال الدراسات والمعطيات الخارجيّة إعطاء صورة معقولة عن الوضع وقتها. 



تتميّز هذه الفترة بالإصلاح الزراعي وتأميم البنوك وشركات التأمين وعدد من الصناعات وزيادة دور القطاع العامّ. كلّ هذا بدأ في عهد الوحدة (الخطّة الخمسيّة الاولى عام ١٩٦٠) وجرى استئنافه في عهد البعث. هناك بالطبع إيجابيّات وسلبيّات ومن العبث مقارن الأرقام المطلقة فالليرة السوريّة عام ١٩٦٠ شيء، وعام ١٩٨٠ شيء آخر. أحد المشاكل الكبيرة كانت التناقض بين الاقتصاد الاشتراكي الموجّه من الأعلى والحاجة لرؤوس الأموال الخاصّة والأجنبيّة لتحقيق التنمية ولربّما كانت التوقّعات متفائلة أكثر ممّا ينبغي خاصّة إذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ الخطط الخمسيّة افترضت مساعدة خارجيّة تصل إلى ٣٠٪ من الميزانيّة!  

تناقصت حصّة الزراعة في الاقتصاد الوطني بالتدريج رغم زيادة عدد الفلّاحين وبالذات حلّ النفط (الذهب الأسود) محلّ القطن (الذهب الأبيض كما تعلّمت في المدرسة) كأهمّ الصادرات السوريّة مع عام ١٩٧٤ وشكّل ٧٢٪ من هذه الصادرات عام ١٩٧٥ وبذلك أصبح أهمّ مصدر داخلي للنقد الأجنبي. أمّمت سوريا التنقيب عن النفط عام ١٩٦٤ ثمّ لجأت إلى الاستعانة بالخبرات السوفيتيّة وشهد عام ١٩٧٤ بداية طرح العروضات على الشركات الغربيّة. 

أهمّ مشاريع التنمية السوريّة وأكلفها بلا منازع هو بالطبع سدّ الفرات ولم يكن لهكذا مشروع أن يخفّف التوتّر بين سوريا وتركيّا والعراق بخصوص توزيع المياه. في كلّ الأحوال كان الهدف من سدّ الفرات مزدودجاً: الأوّل إنتاج ما يكفي الاستهلاك المحلّي من الكهرباء (بما فيه التصنيع والتنميّة) والتصدير إذا أمكن والثاني ري واستصلاح ٦٤٠٠٠٠ هكتار للزراعة (كان هذا الرقم قرآناً منزلاً في كتب المدارس عندما كنت صغيراً). يمكن القول أنّ السدّ نجح على مستوى توليد الطاقة الكهربائيّة إلى حدّ كبير وباء بالفشل على الأقلّ في البداية في المجال الزراعي عندما واجهته الكثير من العقبات الكأداء التي لم تدرس بما فيه الكفاية قبل التنفيذ: كيفيّة جرّ المياه للحقول بقنوات فرعيّة، اجتذاب الفلّاحين للأراضي المرويّة، تصريف الملح، معالجة التربة وهلمجرّا. 

السمات العامّة للصناعة السوريّة -باستثناء التنقيب عن النفط وبقيّة المواد الأوّليّة وتصفية هذا النفط- أنّها خفيفة واستهلاكيّة وفي كلّ الأحوال بقيت حصّة الزراعة هي الأكبر في الاقتصاد الوطني بينما كانت حصّة البناء تتزايد بسرعة في منتصف السبعينات. 

أخيراً سيطر القطاع العامّ ١٠٠٪ على النفط والمناجم وبلغت حصّته في الصناعة الثلثين وفي النقل ٥٧٪ عام ١٩٧٥. سيطر القطاع الخاصّ في الزراعة والبناء والتجارة والإيجار أمّا الخدمات فتقاسمها القطاعان العامّ والخاصّ بالتساوي تقريباً. يمكن إضافة "قطاع مشترك" في الزراعة والبناء والنقل.

الوضع المالي جيّد مقارنة مع كثير من البلدان النامية فيما يتعلّق بالديون الخارجيّة ووصف المؤلّف سوريا بأنّها "زبون صعب المراس ولكنّه جدّي ويفي بالتزاماته" وأنّه لا يوجد ما يدعو للاعتقاد أنّها ستنهار تحت وطأة ديونها. 

التحدّيات كبيرة والخيارات الاقتصاديّة المثلى قد لا تكون كذلك من الناحية السياسيّة. 



No comments:

Post a Comment