Sunday, January 14, 2018

تغلغل العرب في سوريا قبل الإسلام


لربّما كان هذا الكتاب آخر أعمال المستشرق الفرنسي المأسوف عليه René Dussaud الذي وافته المنيّة عام ١٩٥٨ بعد عمر قارب التسعين عاماً أمضى القسم الأعظم منه في الدراسات  التاريخيّة المتعلّقة بالشرق الأدنى عموماً وسوريا خصوصاً ويمكن اعتباره دون مبالغة عميد علماء الآثار السوريّة الذي استشهد به الكثيرون من البحّاثة اللاحقين سواء وافقوا على مطارحاته أو نبذوها. Dussaud غزير الإنتاج كمّاً ونوعاً وإن كانت كتبه ومقالاته صعبة المتناول للقارىء العادي كونه أكاديمي يكتب بالدرجة الأولى للأخصّائييّن وطلّاب علوم الآثار والنقوش القديمة بينما على سبيل المقارنة فيليب خوري حتّي (عملاق آخر يفصل بينه وبين Dussaud قرابة العقدين من الزمن) أكاديمي يكتب للجميع بأسلوبه "السهل الممتنع". يترتّب على ما سيق أنّ كتب المستشرق الفرنسي أقلّ تداولاً وأصعب منالاً وأغلى ثمناً (باستثناء الموجود بالمجّان الكترونيّاً على الشبكة) من نظيره اللبناني-الأمريكي. 

صدر كتاب "العرب في سوريا قبل الإسلام" ل Dussaud عام ١٩٠٧ وأمّا "تغلغل العرب في سوريا قبل الإسلام" فقد رأ ى النور عام ١٩٥٥ ويمكن اعتباره تتمّة للأوّل وتوّسع في الموضوع أو المواضيع استناداً على اكتشافات بين الزمنين أهمّها أوغاريت وماري وأدّت هذه الاكتشافات إلى قراءة جديدة للمعطيات القديمة ليس فقط الملموسة منها كبقايا المنشئات القديمة والنقوش والكتابات بمختلف الأبجديّات المستعملة في الماضي وإنّما أيضاً نصوص الكتب المقدّسة كالقرآن وكتاب العهد القديم. 



بالنسبة للرقعة الجغرافيّة قيد الدراسة فهي سوريا بما فيها كيانات لبنان والأردن وإسرائيل-فلسطين الحديثة ودون التعرّض لبلاد ما بين النهرين وأمّا بالنسبة لمنهج الكتاب فهو يبدأ بالأحدث (الأنباط والتدمرييّن وغيرهم) وينهي بالأقدم (العبرانييّن والكنعانييّن والآرامييّن وهلمّجرّا). المقصود بالعرب القبائل في مرحلة البداوة قبل استقرارها وهم ساميّون بالطبع وإن وجب الأخذ بعين الاعتبار أنّ الساميّة هنا بالدرجة الأولى أسرة لغات وليست مرادفة لليهود كما تستعمل حاليّاً خصوصاً في الغرب. هناك تركيز خاصّ على العبادات المختلفة لهذه الأقوام وتطوّرها عبر العصور كما سنرى.

فلنبدأ بإلقاء نظرة سريعة ومبسّطة إلى حدّ كبير على عائلة اللغات الساميّة:

أوّلاً: المجموعة الشرقيّة وتشمل اللغة الأكّاديّة وإيبلا (لم تكن الأخيرة معروفة لدى موت المؤلّف).

ثانياً: المجموعة الغربيّة ويمكن تقسيمها إلى:

 - شماليّة: عموريّة وكنعانيّة (أو فينيقيّة كما يسمّيها الإغريق ومنها اشتقّت العبريّة) وآراميّة والعربيّة الحديثة.

 - جنوبيّة: عربيّة قديمة (بما فيها الصفائيّة نسبة لتلول الصفا جنوب سوريا) وإثيوبيّة.  

للحديث بقيّة. 


http://bornindamascus.blogspot.com/2017/12/blog-post_17.html

No comments:

Post a Comment