تخبرنا المصادر التاريخيّة أنّ نقطة بداية الموكب الإمبراطوري من القصر إلى كاتدرائيّة آيا صوفيا في القسطنطينيّة كانت بوّابة برونزيّة ضخمة تسمّى Chalke. أعيد بناء هذه البوّابة بعد عام ٥٣٢ للميلاد ضمن برنامج عماري شمل الكنيسة بمبادرة من Justinian. قدّر لآيا صوفيا البقاء وأمّا عن القصر وبوّابته فقد اندثرا منذ قرون ولكنّنا نملك فكرة معقولة عن هيئة هذه البوّابة بفضل فسيفساء كنيسة Sant' Appolinare Nuovo في Ravenna (إيطاليا) حيث تمثّل هذه الفسيفساء واجهة قصر Theodoric العظيم ملك القوط الشرقييّن Ostrogoths الذي أمضى عدّة سنوات كرهينة في القسطنطينيّة في النصف الثاني للقرن الخامس الميلادي وبنى لاحقاً قصره في إيطاليا على غرار النموذج الذي شاهده في العاصمة البيزنطيّة بما فيه واجهة القصر-البوّابة.
Photo credit: La grande mosquée des Omeyyades à Damas, Gérard Degeorge |
الصورة الملحقة تقارن بين الفسيفساء الإيطاليّة المذكورة أعلاه وبين الواجهة الشماليّة (المطلّة على الصحن) لحرم صلاة الجامع الأموي وكما نرى التشابه أكثر بكثير من أن يكون الموضوع مجرّد صدفة سواء كان ذلك في الواجهة الجملونيّة للمجاز المعترض أم في الأقواس الكبيرة على طرفي هذا المجاز والأقواس الأصغر التي تعلوها. يمكن هنا الاعتراض أنّه من المعروف أنّ البوّابة Chalke التي شاهدها Theodoric أثناء إقامته في القسطنطينيّة بين ٤٦٤ و ٤٧٢ للميلاد دمّرت خلال اضطرابات ٥٣٢ ولكن هناك ما يدعو للاعتقاد أنّ البوّابة القديمة لم تختلف كثيراً عن البوّابة التي بناها Justinian في القرن السادس إلّا بوجود قبّة تعلوها وهذه القبّة غير موجودة في فسبفساء Ravenna بينما لا يزال الأموي يحتفظ بقبّة النسر (أو حفيدتها بعد حريق ١٨٩٣). اقتباس الوليد ومهندسيه من القوط و Theodoric ليس وارداً لا قليلاً ولا كثيراً والأقرب للصواب حيب رأي الدكتور Finbarr أنّ كليهما استعملا النموذج البيزنطي.
Photo credit: top Deutsches Archäologisches Institut Rome, bottom Creswell |
الفرق في دمشق أنّ الكلام هنا عن واجهة حرم الصلاة وليس واجهة القصر ولكن وجود الخضراء على مسافة قليلة نسبيّاً جنوب الجدار القبلي للجامع يدعو للاعتقاد أنّ مدخل الحرم الشمالي الفخم كان بمثابة واجهة للمجمّع (الجامع-القصر) ككلّ.
No comments:
Post a Comment