يمتاز جامع بني أميّة الكبير، علاوة على اتّساع مساحته وإبداع تنفيذه وانسجام عناصره بالبذخ في الزخرفة كما رأينا في الفسيفساء التي لا زلنا نحتفظ بعيّنات مهمّة منها رغم غوائل الزمن و الكرمة التي انقرضت في أعقاب حريق ١٨٩٣ وإن وصفتها لنا روايات الكتّاب وخلّدتها (مع منبر الجامع الخشبي وجزء من المحراب) إلى حدّ جزئيّ ومبسّط لوحة السيّد Leighton التي تعود إلى عام ١٨٧٥. نأتي الآن إلى الرخام الجميل الذي ارتأى المقدسي أنّه أعجب ما في الجامع مضيفاً ما معناه أنّ من يزوره يوميّاً لمدّة عام كامل يكتشف تفصيلاً جديداً في كلّ يوم.
كان هذا الرخام المجزّع المتعدّد الألوان يغطّي قاعدة الجدران في حرم الصلاة والأروقة الشرقيّة والغربيّة والدعامات إلى ارتفاع أربع أمتار ويعلوه شريط الكرمة (بعرض ٤٥ إلى ٦٠ سم) الذي يفصله عن الفسيفساء. أصابت كثير من الأضرار هذا الرخام عبر القرون ويخبرنا ابن جبير الذي زارر دمشق في أواخر القرن الثاني عشر أنّ الجامع فقد معظم كسوته الرخاميّة وإن جرى ترميم بعضه في عهد صلاح الدين ومن ثمّ عهد الظاهر بيبرس الذي أنفق قي هذا السبيل أكثر من ٢٠٠٠٠ دينار. أجرى نائب دمشق المملوكي تنكز ترميمات إضافيّة لرخام قاعة الصلاة بين ١٣٢٦ و ١٣٢٩ ولكن ما نراه اليوم بعود إلى الترميم الذي جرى بين ١٩٠٤ و ١٩١٠ في أعقاب حريق ١٨٩٣ المدمّر.
لم يبق من الرخام الأصلي شيء يذكر اللهمّ إلّا ما نراه في الصورة أدناه من جدار الرواق الشرقي للجامع داخل باب جيرون وتعلوه آثار فسيفساء الوليد الأوّل.
No comments:
Post a Comment