Saturday, September 30, 2017

تدمير وطن: تردّد الغرب

ينحي الدكتور Van Dam باللائمة على الغرب وكيف أنّه تعامل مع الأزمة السوريّة بمثاليّة بعيدة عن الواقع ويضيف بأنّ مقاطعة الحكومة السوريّة أضاعت على أمريكا وحلفائها إمكانيّة المساومة مع "النظام" والتأثير على سياساته وأنّ موقف الغرب المتشدّد غرّر بالمعارضة ودفعها على التمادي اعتقاداً منها أنّ الفرج (أي التدخلّ العسكري الأمريكي) آت لا محالة إذا قبلنا رواية السيّدة بسمة قضماني (صفحة ١٣٦). أخطاء الغرب كانت في الإستهانة بقدرة النظام على الصمود (صفحة ١١٩) وبرفضه الحوار مع الرئيس الأسد (صفحة ١٢٣)  في نفس الوقت الذي أحجم فيه عن عدم دعم المعارضة عسكريّاً بما فيه الكفاية وعن التدخّل العسكري المباشر أي باختصار أنّه اختار أنصاف الحلول وهذا أدّى إلى استفحال الأزمة واستمرارها. 



يسلّم المؤلّف (صفحة ١٢٣-١٢٤) بأنّ الغرب تجاهل أنّ الكثير من السورييّن وبغضّ النظر عن دوافعهم يؤيّدون "النظام" أو على الأقل لا يثقون بالمعارضة كما ينوّه (صفحة ١٢١) بتشتّت المعارضة بين داخليّة مسلّحة وخارجيّة مدنيّة لا يعترف ممثّلوها بعضهم بالبعض الآخر وعلّ هذا الوضع المعقّد أحد العوامل التي أدّت إلى عقم إجراءات الغرب النصفيّة والمتردّدة والمتأخّرة. 

هدف الغرب نبيل فهو يريد نظاماً ديمقراطيّاً في سوريا (صفحة ١٢٠) يحلّ محلّ الأسد وفي مكان آخر (صفحة ١٢٧) "من الواضح أنّ ما يريده الغرب هو نظام معتدل ديمقراطي علماني تعدّدي" بينما (نفس الصفحة) ركّزت السعوديّة وقطر دعمهما على المسلّحين الإسلامييّن كأحرار الشام وجيش الإسلام. مشكلة الغرب أنّ تدخلّه المحدود كان إجمالاً ردود فعل (صفحة ١٣١) دون خطّة واضحة تنظر إلى مرحلة "ما بعد الأسد" وإمكانيّة حلول ديكتاتوريّة إسلاميّة محلّه. أحد ردود الفعل هذه كانت (صفحة ١٢٧) عندما قام الإتّحاد الأوروبي عام ٢٠١٣ برفع حظر السلاح عن المعارضة بضغط من فرنسا وإنجلترا والذي لم يؤدّي إلى النجاح المأمول (المنطق هنا هو تعزيز المعارضة المسلّحة حتّى تهزم "النظام" أو على الأقلّ تتفاوض معه من موقف قوّة وهو نفس الخطاب الذي يسوّغ به السياسيّون في أمريكا وأوروبا دعمهم العسكري والمالي لإسرائيل) . مونولوج حسن نوايا الغرب يتردّد في أكثر من مكان (صفحة ١٥٤) وأنّه شعر إزاء الوضع المحزن في سوريا بواجبه في "عمل شيء ما" (صفحة ١٢٩) لإنقاذ "الملايين من السورييّن" والشعب السوري الذي "يضطهد ويذبح" وكيف نادى البعض بمناطق "حظر جوّي" وآخرون "بمعابر إنسانيّة" وغيرهم "بمناطق آمنة" (صفحة ١٣٠) وكيف طرحت جميع هذه الخيارات جانباً لسبب أو لآخر. 

ما لم يتعرّض إليه الدكتور Van Dam هو إمكانيّة سوء نيّة الغرب. السياسة الخارجيّة لأي حكومة تحكمها اعتبارات كثيرة أغلبها داخليّة لا علاقة لها بالأخلاق والإنسانيّة إلاّ ضمن أضيق الحدود. قد يتسائل البعض ما هي مصلحة الغرب في تدمير سوريا أو تغيير نظام الحكم فيها وأستطيع دون عناء ذكر بعض الأسباب على الأقلّ كاحتمال:

١. سوريا رفضت تأييد ومساعدة "تحرير" الولايات المتّحدة وأتباعها للعراق عام ٢٠٠٣. 
٢. سوريا متحالفة مع إيران التي تجرّأت عام ١٩٧٩ على خطف رهائن أمريكييّن. 
٣. دمشق عارضت السلام المصري الإسرائيلي في أواخر السبعينات وأقامت قي وجهه العقبات. 
٤. "احتلال" سوريا للبنان لمدّة ثلاثين عاماً (الولايات المتّحدة وفرنسا أيّدتا دخول الجيش السوري إلى لبنان عام ١٩٧٦ ولكن ما علينا) و"اغتيالها" لرئيس الوزراء رفيق الحريري عام ٢٠٠٥. 
٥. دعم سوريا لحزب الله "الإرهابي".
٦. إصرار سوريا بكل وقاحة وصفاقة وجه على حقّها المزعوم في الجولان.

يشكّك الكاتب (صفحة ١٧١) بحكمة التدخّل العسكري الغربي المباشر في سوريا (وهو في نهاية المطاف الطريقة الوحيدة لإسقاط نظام لا تملك المعارضة تأييداً شعبيّاً كافياً لإسقاطه بنفسها) ويبني -وبحقّ- رأيه على النتيجة المحزنة لهذا التدخّل في أفغانستان والعراق وليبيا (من المضحك المبكي أن ينادي بعضهم بكل جدّية بقتل سورييّن بهدف إنقاذ باقي السورييّن وهو ما يسمّى بحقّ أو مسؤوليّة الحماية Responsibility or Right to Protect صفحة ١٨٠). يضيف المؤلّف (صفحة ١٧٢) أنّ المطالبة باستقالة رئيس دولة كشرط مسبق للحلّ السياسي فريد من نوعه ومحكوم عليه بالفشل منذ البداية.  

ختاماً يدعو الدكتور Van Dam إلى مواصلة السعي لإيجاد حلّ سياسي (صفحة ١٨١-١٨٢) وأنّه يتحتّم إعطاء الأولوية لهذا الحلّ أمّا العدالة (أي محاسبة مجرمي الحرب) فبإمكانها أن تنتظر دورها. 

http://bornindamascus.blogspot.com/2016/05/1961-1978.html
http://bornindamascus.blogspot.com/2017/09/blog-post_27.html
http://bornindamascus.blogspot.com/2017/09/blog-post_28.html
http://bornindamascus.blogspot.com/2017/09/blog-post_29.html

No comments:

Post a Comment