Wednesday, September 13, 2017

حمّامات دمشق

بلغ تعداد حمّامات دمشق ٥٢ في القرن الثاني عشر للميلاد حسب رواية الحافظ إبن عساكر و ٦٠ عندما أجرى العالمان الفرنسيّان Michel Ecochard و Claude Le Coeur دراستهما عن هذه الحمّامات التي نشرها المعهد الفرنسي في دمشق بالتعاون مع المطبعة الكاثوليكيّة في بيروت على جزئين الأوّل عام ١٩٤٢ والثاني عام ١٩٤٣ وهذه الدراسة على حدّ علمي أفضل وأكمل الموجود حتّى وقتها ولربّما حتّى يومنا هذا وهي بالطبع باللغة الفرنسيّة. 



يتوزّع الجزء الأوّل على ٦٠ صفحة من القطع الكبير ٣٤ سم في ٢٥ سم وسّتة فصول تصف الحمّام وكيفيّة تزويده بالماء وتشغيله وأكلافه ومردوده والحياة الإجتماعيّة فيه ومستقبله كما بدا وقتها ويختم بقائمتين بالحمّامات نجد فيها أسمائها وإيجارها وكلفة دخولها وساعات عملها وما إذا كانت مخصّصة للنساء أو الرجال أو كليهما وأماكن تواجدها وما إذا كانت لا تزال شغّالة وحالتها (جيّدة أو متداعية إلخ) ويختم بخريطة كبيرة مطويّة ٦٨ سم في ٤٧ سم نعاين فيها مواقع هذه الحمّامات. 

الجزء الثاني يتوزّع على ١٣٢ صفحة تعطي وصفاً مفصّلاً ل ٣٨ حمّاماً يتوزّع على ثمانية فصول تصنّف فيها الحمّامات حسب تسلسلها الزمني وهناك فصل إضافي يحاول أن يربط بين حمّامات العصور الوسطى (أي العهد الإسلامي) وبين ما سبقها من المباني المشابهة في العهود البيزنطيّة والرومانيّة. 

يحتوي الكتاب على العديد من المخطّطات والإسقاطات ذات النوعيّة العالية ولكنّه يفتقر مع الأسف إلى الصور الفوتوغرافيّة. 

أجريت هذه الدراسة في زمن شهد دخول الحمّامات الإفرنجيّة إلى بيوت الطبقات الغنيّة والمتوسّطة في المدن وشكّل هذا بالطبع تهديداً لمستقبل "حمّام السوق" الذي أصبح يعتمد على الزوّار وذوي الدخل المحدود ممّا أدّى إلى تناقص مردود الحمّام وبالنتيجة عدد الحمّامات أو على الأقلّ عدد الحمّامات التي لا تزال شغّالة والذي لم يتجاوز ٤١ من أصل ٦٠ درسها المستشرقان. الغالبيّة العظمى من هذه الحمّامات كانت أوقافاً يتعيّن على الحمّامجي أو الحمّامي أن يدفع لها أجراً سنويّاً وبالطبع يتوجّب عليه دفع أجور الصنعيّة (منهم من كان من أفراد العائلة) وثمن المواد الأوّلية (الوقود مثلاً وهو وقتها زبل وتبن وما شابه) والضرائب وكما نرى في الجدول الملحق كانت الدخوليّة بين القرشين والعشرة قروش بينما يمكن أن تبلغ أجرة الحمّام مئات الليرات ولم تكن الضرائب رمزيّة. الخلاصة لم يكن الحمّامجي وصنعيته بالأغنياء ويمكن التماس العذر لمن اعتقد وقتها أنّ المهنة في طريقها للإنقراض خاصّة وأنّ عناية البلديّة بتمديدات فنوات فروع بردى تضائلت بعد جرّ مياه الفيجة وبالتالي أضيفت نفقات صيانة هذه التمديدات إلى أكلاف الحمّامجي.


نأتي الآن إلى وصف الحمّام وهنا تحسن الإشارة بأنّ المظهر الخارجي كان متواضعاً حتّى العهد المملوكي أمّا عن تنظيمه الداخلي فله عناصر ثابتة  عبر مئات السنين (وإن تغايرت نسبها وتفاصيلها)  يمكن معاينتها على المخطّط الملحق لحمّام البزوريّة أو حمّام نور الدين وتلخيصها كما يلي:

أوّلاً. المشلح A وفيه مساطب للزبائن يمكن فيه تناول القهوة والأركيلة وسرير يجلس عليه المعلّم الذي يلمّ "الغلّة".
ثانياً. المراحيض E وفيها مياه جارية تخفّف من وطأة نقص التهوية.
ثالثاً. الصالة الباردة B أو "الوسطاني برّاني" ويمكن استعمالها كمشلح للمسنّين والمرضى خاصّة في فصل الشتاء.
رابعاً. الصالة الفاترة C أو "الوسطاني جوّاني"  وفيها مقصورات ملحقة يمكن استعمالها لإزالة الشعر.
خامساً. الصالة الحارّة D أو الجوّاني وهي أيضاً تحتوي على مقصورات ملحقة ويأتيها البخار مباشرة من خلال فجوة في الجدار وكان فيها قديماً مقصورة لمغطس عمقه مترين ألغي بعد أن أصيب عدّة أشخاص بالاحتقان بعد نزولهم فيه. 
سادساً. قسم التدفئة F والخدمات الإضافيّة.



بالنسبة لطاقم العمل فهناك المعلّم (أو زوجه في ساعات النساء) والمكيّس أو المدلّك وتابعيه أو مساعديه والوقّاد والزبّال (الذي يجلب المحروقات).

بشكل عامّ خصّصت ساعات الصباح للرجال وبعد الظهر للنساء والأطفال (بما فيهم الذكور دون سنّ السابعة) وهناك حمّامات للرجال حصراً وثانية تعتمد على الزبائن المسيحييّن (البكري) وثالثة اليهود والمسيحييّن (المسك). تميل النساء بشكل عامّ لقضاء ساعات أكثر في الحمّام وعلّ هذا كون أماكن التسلية البديلة خارج المنزل المتاحة لهنّ (المقاهي مثلاً) آنذاك قليلة أو حتّى معدومة.

للحديث بقيّة.  

Les bains de Damas: monographies architecturales
Michel Ecochard et Claude Le Coeur
Institut Français de Damas 
1942-1943
Imprimerie Catholique, Beyrouth

No comments:

Post a Comment