Tuesday, April 2, 2019

زيارات دمشق في المصادر العربيّة


نشرت مجلّة الدراسات الشرقيّة في عددها الرابع عشر الصادر عن الأعوام ١٩٥٢-١٩٥٣ مقالاً بالفرنسيّة (١) عن مزارات أو زيارات دمشق ومحيطها بطول ٢١ صفحة للأستاذة Janine Sourdel-Thomine (٢) لا يزال مرجعاً لكثير من الدراسات حتّى اليوم. عنوان المقال:

 Les anciens lieux de pèlerinages damascains d'après les sources arabes

 اعتمدت المؤلّفة نوعين من المراجع التاريخيّة كما يلي:

الأوّل هو أدلّة الزيارات وأقدم هذه الأدلّة "كتاب الإشارات إلى معرفة الزيارات" لأبي الحسن علي ابن أبي بكر الهروي (٣) المتوفّي عام ١٢١٥ للميلاد. قام الهروي بزيارة العديد من الأماكن المقدّسة في العالم الإسلامي خلال ترحاله في القرن الثاني عشر منها دمشق وواحتها الحاضنة. لم يزد ما خصّصه للمدينة عن سبع صفحات ولكن يبقى توثيقه -على اختصاره- بالغ الأهميّة كشاهد عيان مرهف الشعور ودقيق الملاحظة. يتعيّن عدم الخلط بين عمل الهروي وكتاب عثمان ابن أحمد السويدي الدمشقي ( ٤) المعروف بابن الحوراني بعنوان "كتاب الإشارات إلى أماكن الزيارات" الذي أنجز بعيد عام ١٥٦٢ أي بعد حوالي ٤٠٠ سنة من كتاب الهروي. "إشارات" ابن الحوراني مخصّص برمّته لدمشق وما حولها ومع ذلك فهو أقلّ قيمة من "إشارات" الهروي ليس فقط لأقدميّة هذا الأخير وإنّما أيضاً لأنّ معظم ما كتبه ابن الحوراني كان نقلاً عن مؤلّفات سابقة وسير متناقلة وليس وصفاً مباشراً. 

النوع الثاني هو كتب الفضائل التي تعدّد مناقب الشام وتطنب في مديحها. أقدم هذه الكتب التي وصلت إلينا "فضائل الشام ودمشق" لمؤلّفه أبو الحسن علي بن محمّد الربعي المالكي (٥) ويعود لعام ١٠٤٣ أي يسبق الهروي بقرن ونيّف من الزمن. هذا الكتاب يجمع الأحاديث والسير ويركّز ليس على المزارات وإنّما على خلفيّتها وإطارها الديني والفقهي. نقل ابن عساكر (توفّي عام ١١٧٦) عن الربعي وزاد عليه واستأنف ابن شاكر الكتبي (توفّي ١٣٦٣) في "عيون التواريخ" والنعيمي (توفّي ١٥٢١) في "الدارس في تاريخ المدارس" ما بدأه ابن عساكر. 

لا تضيف المعاجم الجغرافيّة الشيء الكثير وحتّى ياقوت الحموي (توفّي ١٢٢٩) في "معجم البلدان" لم يفعل أكثر من النقل عن الهروي ويبقى الرحّالة الأندلسي ابن جبير الدقيق الملاحظة استثناءً في زيارته لدمشق ووصفه لها عام ١١٨٤. يمكن أن نضيف كتابات ابن بطوطة (توفّي حوالي ١٣٧٠) ولكنّه اقتصر عمليّاً على النقل عن ابن جبير. عن قرى دمشق لدينا شهادة شمس الدين محمّد ابن طولون الصالحي الدمشقي (توفّي ١٥٤٦) وهناك أعمال أقلّ قيمة ضمن مؤلّفات أكثر شمولاً وبشكل عامّ المصادر من العهد الأيّوبي وما سبقه (ابن جبير والهروي) أكثر أصالة وأهميّة من اللاحقة في العهد المملوكي إذ كانت هذه الأخيرة ناقلة بالدرجة الأولى. 

للحديث بقيّة.  











No comments:

Post a Comment