Saturday, April 20, 2019

دمشق الهلنستيّة


عن دمشق بعد سقوطها بيد الآشورييّن ومروراً بالعهد الإيراني تحت الأسرة الأخمينيّة لا نعلم الشيء الكثير اللهمّ باستثناء ذكر عابر للمدينة عندما أودع فيها داريوس الثالث كنوزه وترك فيها أسرته قبل أن يذهب لقتال الإسكندر الأكبر في معركة Issus عام ٣٣٣ قبل الميلاد وكما هو معروف كانت خسارة هذه المعركة بداية النهاية للإمبراطوريّة الإيرانيّة الأولى. 

تلخّص الدكتورة  Dorothée Sack تاريخ دمشق بين ٧٣٢ ق.م. و ٨٥ ق.م. بصفحات قليلة وليس هذا بالمستغرب إذا أخذنا بعين الاعتبار قلّة المعلومات المتوافرة من جهة، والأفول النسبي لنجم الشام في العهدين الآشوري-الإيراني من جهة ثانية. حتّى في العهد الهلنستي كانت دمشق مدينة ثانويّة بينما تصدّرت أنطاكيا الساحة كعاصمة السلوقييّن. حاول ديميتريوس الثالث Demetrios III Philopator بعث دمشق كنقطة ارتكاز في صراعه (أي صراع السلوقييّن) ضدّ بطالمة مصر عندما أسماها (٩٠ ق.م.) ديميتريا Demetrias ولكن هذا لم يطل إذا استنجد الدمشقيّون بعد سنوات قليلة (٨٥ ق.م.) بالأنباط  وملكهم الحارثة الثالث لحمايتهم من الفوضى وغارات الطامعين ونجم عن هذا استيطان جالية نبطيّة في حيّ يقع شرق شارع باب توما الحالي أشارت له مصادر القرون الوسطى وأسمته "النيبطون". 

فلننظر الآن إلى طبوغرافيا المدينة في العهد الهلنستي. على الأغلب أضيفت المستوطنة الإغريقيّة إلى شمال الآراميّة (الخريطة الملحقة) أي في المنطقة الواقعة بين معبد زوس Zeus (حدد الآرامي سابقاً) وساحة المدينة Agora (رحبة خالد ابن أسيد في العصر الإسلامي) أي المنطقة شرق الأموي (القيمريّة) حتّى شارع باب توما ولربّما اتّبعت هذه المستوطنة النظام الشطرنجي بشوارعه المستقيمة المتعامدة. عن المعبد لا نملك إلّا الحدس والتكهّن ولكن هناك ما يدعوا للاعتقاد بوجود ميدان لسباق الخيل hippodrome خارج حدود المدينة وشمال نهر بردى في الموقع الذي تشغله حاليّاً مقبرة الدحداح على وجه التقريب.    


للحديث بقيّة. 



1.  Dorothée SackDamaskus. Entwicklung und Struktur einer orientalisch-islamischen Stadt. von Zabern, Mainz 1989

No comments:

Post a Comment