Tuesday, April 23, 2019

دمشق البيزنطيّة


تبنّى كثير من العلماء النموذج الشطرنجي الكلاسيكي لنسيج دمشق العمراني بداية بالعهد الهلنستي ونهاية بالروماني-البيزنطي وارتأوا أنّ المدينة التقليديّة الشرقيّة بأزقّتها المتعرّجة الضيّقة بدأت في القرون الوسطى مع العهد الإسلامي مع احتمال بوادر لها في نهاية العهد البيزنطي. أعيد النظر في هذه المسلّمات مؤخّراً واعتبرت المرحلة الإغريقيّة الرومانيّة مجرّد كساء عابر للمدينة الشرقيّة الآراميّة وأنّ دمشق -وغيرها- لم تفعل إلّا خلعه والرجوع إلى أصولها اعتباراً من القرنين الخامس والسادس للميلاد.  

أهمّ التغيّرات التي طرأت على المدينة في العهد البيزنطي جرت لمعبدها الذي تحوّل جزء منه (تحديداً جزء من المعبد الداخلي أو ال temenos) إلى كنيسة يوحنّا المعمدان بينما انتشرت المباني في المعبد الخارجي أو ال peribolos بالتدريج. هنا تجدر الإشارة إلى الخطأ الذي وقع فيه العالمان الألمانيّان Watzinger و Wulzinger ألا وهو أنّ الوليد حوّل الكنيسة البيزنطيّة بكل بساطة كما هي إلى جامع باستثناء تعديلات طفيفة ولو كان هذا صحيحاً لكانت وقتها أكبر كنيسة في العالم المسيحي قاطبة. على الأغلب شغلت الكنيسة -كما أفاد Creswell- قسماً من المعبد الداخلي وليس ال temenos بكامله ولا نملك تفاصيلاً تذكر عن حجمها وشكلها وتوزيعها وإن كان لدينا دليل على تواجد بوّابتها الرئيسة في الجنوب (بينما كانت بوّابة المعبد الوثني واقعةً في الشرق). تعود البوّابة الجنوبيّة الثلاثيّة الفتحات إلى عهد Septimius Severus وجرى نقش كتابة عليها في العهد البيزنطي (لربّما خلال ملك Theodosius) مقتبسة من البيت الثالث عشر للمزمور ١٤٥:

"ملكك أيّها المسيح ملك كلّ الدهور وسلطانك في كلّ دور فدور".

يفترض -حسب ابن عساكر ومن نقل عنه- وجود ١٤ كنيسة في دمشق في نهاية العهد البيزنطي فهناك مثلاً المصلّبة (في جوار كنيسة حنانيا إلى الغرب) وكنيسة توما (موقع جامع السقيفة حاليّاً) والمريميّة (في مكانها الذي نعرفه اليوم وقد دمّرت أكثر من مرّة خلال تاريخها الطويل كما جرى عام ١٢٦٠ و ١٨٦٠) علاوة على كنيس يهودي (الجامع الأحمر لاحقاً واليوم جامع الإحسان) وخارج السور إلى الشمال كنيسة يوحنّا الجديدة (جامع الأقصاب أو السادات الزينبيّة اليوم) وكنيسة القدّيس نقولا غرباً (جامع تنكز على شارع النصر اليوم). 



1.  Dorothée SackDamaskus. Entwicklung und Struktur einer orientalisch-islamischen Stadt. von Zabern, Mainz 1989.


3. J.-M. Dentzler. Le développement urbain en Syrie à l'époque hellénistique et romaine: "modèles occidentaux et orientaux". Bulletin d'Etudes Orientales Volume 52 - 2000.

4. K. A. C. Creswell. A Short Account of Early Muslim Architecture. 

5. Wulzinger & Watzinger Die Islamische Stadt. 

6. Psalm 145 (Arabic)

No comments:

Post a Comment