Wednesday, April 3, 2019

ذكر زيارات دمشق في المصادر العربيّة


رأينا البارحة كيف انقسمت أهمّ المصادر العربيّة التاريخيّة لزيارات دمشق إلى نوعين الأوّل أدلّة الزيارات والثاني كتب الفضائل.  نأتي اليوم إلى أهمّ هذه الزيارات أو المزارات والكلام دوماً للأستاذة الفرنسيّة Janine Sourdel-Thomine في مقال مرجعيّ نشرته في مجلّة الدراسات الشرقيّة في حزيران ١٩٥٣. 

هنا أيضاً يمكن تصنيف المزارات تحت بابين الأوّل للأنبياء والثاني للباقين من صحابة وأولياء وعلماء. يتعيّن هنا التنويه أنّ المقصود بالأنبياء هنا الأنبياء بالمفهوم القرآني فمثلاً آدم وابراهيم ويعقوب وغيرهم أنبياء في القرآن ولكنّهم في الكتاب المقدّس آباء Patriarch وعيسى ابن مريم نبي في الإسلام بينما هو أحد الأقانيم الثلاثة للمسيحييّن. فلنستعرض الآن بعض أهمّ هذه الزيارات.

مغارة آدم
مذكورة في ابن عساكر والهروي وابن جبير ويحدّد هذا الأخير موقعها على قمّة جبل قاسيون.

مغارة الدم
التي قتل فيها قابيل هابيل ويعتقد أنّ مسجدها قام على أطلال دير مسيحي. تجدر الإشارة هنا إلى ضريح النبي هابيل في سوق وادي بردى ولربّما كانت هناك صلة بين اسم هابيل وبين Abila عاصمة إقليم Abilene و  Abila هذه أو Abila Lysaniae هي الاسم القديم لسوق وادي بردى.

مغارة الجوع
هلك في هذه المغارة عدد ينراوح بين أربعين وسبعين نبيّاً حسب المصدر. يدّعي ابن بطوطة أنّ سبعمائة أو حتّى سبعين ألف نبي مدفونون في قاسيون. إلى اليوم يوجد على سفوح قاسيون موضع يدعى الكهف ويرتبط بآدم وجبريل وأهل الكهف وأخر يسمّى قبّة الأربعين يشمل مصلّى الخضر ومغارة آدم ومغارة الجوع. 

مسجد ابراهيم في برزة
يفترض أنّ ابراهيم ولد في برزة ويشير Dussaud إلى ذكر لبيت ابراهيم في كتابات المؤرّخ اليهودي الروماني Josephus (٣٧-١٠٠ للميلاد). يروى أيضاً أنّ ابراهيم حطّم الاصنام في بيت لهيا وكان هناك مسجد يدعى مسجد الحجر ذكره ابن عساكر والموقع داخل سور المدينة في درب الحجر (شارع باب توما حاليّاً) وأمّا عن التسمية فتعود للحجر الذي هشّم ابراهيم الأصنام عليه.

ضريح موسى ابن عمران
في القدم. مسجد القدم الحالي يعود للفرن السادس عشر وتشير الأدلّة أنّه حلّ محلّ بناء من القرن الثاني عشر (١١٢٣-١١٢٤) أمّ عن انطباع القدم فعزاه البعض لموسى ولاحقاً لمحمّد. 

الربوة
أو ربوة النيرب حيث التجأ عيسى ومريم إلى مغارة في النيرب الأعلى (الربعي) وهناك خلط بين مريم أمّ يسوع المسيح وبين امرأة تدعى "أم مريم" دفنت في النيرب. في كلّ الأحوال اندثر المزار ومع ذلك يبقى موقعه معروفاً بفضل النصوص التاريخيّة. يرتبط اسم عيسى أيضاً بالمئذنة الجنوبيّة الشرقيّة للجامع الأموي (مئذنة عيسى) ولكن بعض المصادر القديمة تشير لوجود هذه المئذنة خارج الباب الشرقي.

رأس يحيى ابن زكريّا
في الجامع الأموي (يتنازع الحلبيّون والشوام شرف ملكيّة هذا الرأس) وفي الأموي أيضاً أعمدة عرش بلقيس  وتعود أسس الجامع للنبي هود الذي يقع ضريحه في الجدار الجنوبي وأخيراً هناك المكان الذي صلّى فيه الخضر في الجامع.

نأتي الآن للصحابة والأولياء وغيرهم.

ترقد في مقبرة الباب الصغير ثلاث من أزواج محمّد (حفصة وأمّ سلمة وأمّ حبيبة) وهي أيضاً مثوى لرفات بلال الحبشي (ابن حمامة أو ابن رباح) مؤذّن النبي وأبي الدرداء وأمّ الدرداء ومعاوية ابن أبي سفيان وكعب الأحبار (أقدم مصادر الإسرائيليّات في السرد الإسلامي) وابن عساكر وغيرهم.

مشهد علي والحسين أو زين العابدين
شرق الجامع الأموي. وهناك في الجامع ايضاً مقصورة ومحراب الصحابة ومصحف عثمان وقطعة من سيف خالد ابن الوليد (معلّقة فوق باب الزيادة) وقبّة عائشة (الخزنة).

قبر الستّ
في قرية راوية. الستّ زينب مزار شهير إلى اليوم (هناك أيضاً مزار للسيّدة زينب في القاهرة).

مقابر الصوفيّة (غرب دمشق مكان رئاسة الجامعة ومحيطها حاليّاً). 

الشيخ رسلان
خارج باب توما.

محي الدين ابن عربي
الموقع في الصالحيّة غني عن التعريف. 

أبو سليمان الداراني
متصوّف مشهور وولي من داريّا توفّي حوالي ٨٣٠ للميلاد. أعاد نور الدين الشهيد بناء الضريح في القرن الثاني عشر.  

باختصار تتمركز معظم مزارات أو زيارات دمشق في الأموي وقاسيون والمقابر خارج أبواب المدينة. قام نور الدين زنكي في جملة ما قام به ببناء الأضرحة وشواهد القبور لتوثيق أماكن دفن الصحابة المهجورة بعد أن كانت مقبرة دمشق محروثة ومزروعة لفترة تجاوزت المائة عام حسب الهروي. شهد العهد الأتابكي ثمّ الأيّوبي ازدهار المدارس ومحاولة الإسلام السنّي لاحتواء الميول المناهضة عن طريق تعزيز الزيارات -بما فيها أضرحة أهل البيت وأشياع علي- كأماكن يتبرّك الناس بتبجيلها وينتفعون من كرامات من دفن فيها.  


  

No comments:

Post a Comment