Wednesday, April 24, 2019

قصر الخضراء


يجمع أغلب علماء الآثار أنّ قصر معاوية تواجد جنوب وشرق الجامع الأموي في مكان يقارب -إن لم يطابق- قصر العظم حاليّاً وقصر الذهب للنائب المملوكي تنكز قبله. جرت عدّة محاولات لتحديد مكان هذا القصر وعلّ أحد أفضل الدراسات في هذا المجال كتاب الدكتور Finbarr Barry Flood (الرابط أدناه). استنتجت الدكتورة Dorothée Sack بعد استقراء المعطيات الميدانيّة والتاريخيّة أنّ موقع الخضراء كان في النقّاشات (المساحة المظلّلة من الخريطة الملحقة)  بين جدار معبد المشتري الداخلي (أي ما يسمّى temenos الموافق لجامع بني أميّة الحالي كما رأينا) وبين سور المعبد الخارجي المندثر (أي peribolos) وعزّزت رأيها بالملاحظات التالية:

جدران الحيّ عموماً طينيّة ويخترق درب النقّاشات المنطقة بشكل مائل ومتعرّج من الرواق المعمّد الشرقي للحرم (أي الممتدّ من باب جيرون إلى الشرق والقيمريّة مروراً بالنوفرة) باتّجاه الغرب والجنوب. النقّاشات كانت أصلاً مشمولةً في المعبد الخارجي الذي غزته الأبنية شيئاً فشيئاً في القرون الوسطى وتزيّنه اليوم بعض البيوت الدمشقيّة الفخمة وعلى سبيل المثال بيت سليم القوّتلي (رقم ١١ في الخريطة) وبيت جبري (رقم ١٢).  

تتميّز ثلاثة أينية في النقّاشات عن غيرها ممّا يوحي بقدمها ومن الممكن بناءً عليه أن تعود أسسها إلى مطلع العهد الإسلامي (أي عهد معاوية). 

تربة معاوية (رقم 9 على الخريطة) وهي بشكلها الراهن أيّوبيّة وما يهمّنا هنا وقوع قواعدها تحت مستوى الطريق الحالي يثلاث إلى أربعة أمتار. 

بيت سكني (رقم ٦ على الخارطة) يحتوي على مزار وقبر الشيخ صالح الدسوقي الذي يعود -استناداً إلى زخرفة واجهته- إلى القرن الثامن عشر. ينخفض مدخل هذا البيت ثلاث درجات عن مستوى الطريق ويلاصق ضلعه الغربي بعض البيوت المتواضعة تليها مراحيض عامّة جرى تجديدها في القرن العشرين.  سقوف هذه المراحيض تعود إلى القرون الوسطى ولربّما كانت أصلاً متّصلة مع البيت المذكور. 

بيت الشطّي (رقم ١٠)  قائم فوق سرداب بعمق أربعة أمتار يستخدم حاليّاً (أي عندما درسته الدكتورة Sack قبل قرابة أربعين عاماً) كمصبغة. كان هذا السرداب (معلومات شفهيّة حصلت عليها المؤلّفة من أصدقاء للعائلة التي امتلكت البيت سابقاً)  موجوداً قبل بناء الدار عام ١٩٢٠ وسعته غير مألوفة في دمشق كما أنّ بلاطه الحجري من النوع المستعمل عادة في بناء دور العبادة أو المنازل الفخمة. 

 باختصار انخفاض مستوى أرضيّة هذه الأبنية الثلاث (قبر معاوية والبيت الحاوي على ضريح الدسوقي وبيت الشطّي) عن مستوى الطريق الحالي يوحي بأنّها كانت مشمولة في المعبد الخارجي (peribolos) وباحتمال وجود قصر الخضراء ودار الخيل الأمويّة فيها ولربّما قصر الحاكم البيزنطي قبلها. 



1.  Dorothée SackDamaskus. Entwicklung und Struktur einer orientalisch-islamischen Stadt. von Zabern, Mainz 1989.


3. Muawiya's Palace (Arabic). 

No comments:

Post a Comment