Thursday, April 25, 2019

دمشق من العبّاسييّن إلى الأيّوبييّن


بدأ العهد العبّاسي في دمشق عام ٧٥٠ للميلاد ولم يترك معالماً تستحقّ الذكر في المدينة باستثناء قبّة الخزنة في صحن الجامع الأموي إذ تهمّشت المدينة وبلاد الشام عموماً مع انتقال مركز ثقل الإمبراطوريّة الإسلاميّة إلى الشرق. 

دام العهد الفاطمي من ٩٦٩ إلى ١٠٧٦ وعموماً لم يكن أفضل من سابقه مع حلول القاهرة محلّ بغداد وعلّ أسوأ المصائب التي حلّت بدمشق وقتها كانت حريق الأموي عام ١٠٦٩. تتلخّص بقايا هذا العهد أو تكاد في ضريح فاطمة بنت أحمد بن الحسين ابن السبطي في مقبرة الباب الصغير. 

دشّن أتسيز ابن أوق العهد السلجوقي وآلت المدينة بعدها لتتش ابن ألب أرسلان ومن ثمّ إلى ابنه دقاق الذي يرجع الفضل إليه في بيمارستان (مندثر) بناه لدى باب البريد وتخبرنا الدكتورة Dorothée Sack عن معاينة بقايا لهذا البيمارستان في بيت الشيخ قطنا تمّ توثيقها قبل إزالته عام ١٩٨٥ . تميّز العهد السلجوقي بانتشار مؤسّسة المدارس الدينيّة ولربّما كانت الصادريّة (دارسة) غرب باب البريد أقدمها في المدينة. دفن دقاق في قبّة أو خانقاه الطواويس (ضريح صفوة الملك) الذي كان واقعاً على الطرف الغربي لشارع بور سعيد الحالي (فؤاد الأوّل سابقاً) قبل هدمه عام ١٩٣٨ والفضل يعود للفرنسي Jean Sauvaget في وصفه والصورة التي التقطها هي الوحيدة المعروفة. أهمّ ما بناه السلاجقة في دمشق القلعة التي جدّدها ووسّعها الملك الأيّوبي العادل في مطلع القرن الثالث عشر. 

بعد السلاجقة أتى الأتابكة بداية بظهير الدين طغتكين (لسبب ما يسمّي البعض السلالة بالبوريّة نسبة لتاج الملوك بوري ابن طغتكين) ودام حكمهم حتّى عام ١١٥٤ عندما دخل نور الدين زنكي إلى دمشق.

يمكن اعتبار حكم نور الدين ١١٥٤-١١٧٤ استمراراً للعهد الأتابكي وإن حبّذ البعض إعطاء هذا العهد مكانة خاصّة نظراً للدور الحيوي الذي لعبه هذا الأمير ليس فقط في مقارعة الإفرنج وإنّما أيضاً كبانٍ للمدينة ومجدّد لسورها وأبوابها التي زوّدها بمآذن وباشورات (سدّ باب كيسان) ولا تزال المدرسة النوريّة والحمّام النوري تشهد على مآثره وهو أيضاً من باشر ببناء المدرسة العادليّة (عام ١١٧٢) التي أنجزت بعد حوالي نصف قرن من وفاته. 

الآثار الأيّوبيّة أكثر من أن يتّسع لها كتاب واحد بله هذه الأسطر المعدودة ومن المعروف أنّ العصر الأيّوبي في دمشق انتهى عام ١٢٦٠ أي بعد عشر سنوات من نهايته في مصر.

توسّعت دمشق في القرون الوسطى مع تطوّر أحياء العقيبة إلى الشمال والغرب (حول جامع التوبة الأيّوبي) والصالحيّة على سفوح قاسيون (مع مجيء بني قدامة في القرن الثاني عشر) وقصر حجّاج إلى الجنوب والغرب والشاغور إلى الجنوب. تشكّلت جميع هذه الأحياء خارج سور المدينة القديمة في دلالة واضحة على الازدهار العمراني من جهة والأمن النسبي من جهة ثانية في ظلّ سلطة مركزيّة قويّة رغم التحدّيات من الشرق والغرب.    


1.  Dorothée SackDamaskus. Entwicklung und Struktur einer orientalisch-islamischen Stadt. von Zabern, Mainz 1989.

2. Jean Sauvaget. Esquisse d'une histoire de la ville de damas. Revue des études islamiques, 1934, cahier IV, p. 421-480.

3. Khaled Moaz & Solange Ory. Inscriptions arabes de Damas: les stèles funéraires. I. Cimetière d'Al-Bab Al-Sagir. Institut Français de Damas, Damas, 1977.

4. Sauvaget & Ecochard. Le tombeau de Ṣafwat al-Molk

No comments:

Post a Comment