Saturday, May 6, 2017

ملامح دمشق الرومانية

يعتقد معظم المؤرخين أن دمشق تمتعت في العهد الروماني بشوارع مستقيمة تتقاطع طولاً وعرضاً مشكلة زوايا قائمة وهي في هذا الصدد تتبع نموذجاً يتكرر في العديد من المدن في العهد الكلاسيكي أي الهلنستي الروماني كما في أنطاكية وأفاميا وجرش وغيرها أما عن شكل المدينة فقد كان أقرب إلى المستطيل منه إلى شكلها الحالي البيضوي. مع مرور الزمن وبداية بالعهد البيزنطي ضاقت شوارع المدينة وتعرجت واتخذ نسيجها العمراني بالتدريج هيئته التي حافظ عليها حتى القرن العشرين. 

شكك مساهمان في عدد مجلة الدراسات الشرقية (Jean-Marie Dentzer و Olivier Aurenche) الصادر عام 2000 في هذه الفرضيات وطرحا عوضاً عن ذلك فكرة جديدة ألا وهي أن الفترة الإغريقية-الروماتية كانت على طولها (مئات السنين) مرحلة عابرة وشاذة في تطور المدن السورية عبر آلاف السنين وأن "المدينة العربية" استرجعت بكل بساطة شكل "المدينة الشرقية" قبل العهد السلوقي. 



في جميع الأحوال يوجد من المعالم والأنقاض ما فيه أكثر من الكفاية لإعطاء صورة أمينة عن دمشق الرومانية مما سمح للعالمين الألمانيين Watzinger و Wulzinger برسم خريطة للمدينة قبل مائة عام لا تزال مع بعض التعديلات اللاحقة معتمدة وموثوقة إلى يومنا هذا. 

* اتسعت دمشق الرومانية لتشغل أو تكاد كامل المساحة داخل السور كما نعرفها اليوم. بلغت أبعاد أضلاع المستطيل الذي شكل سور المدينة 1340 متر طولاً و 750 متر عرضاً وكان لهذا السور سبعة أبواب.

* المحور الأطول للمدينة من الشرق إلى الغرب هو الشارع المستقيم Via Recta ويبلغ طوله 1500 متر تقريباً ويسمى المحور الشرقي-الغربي لأي مدينة في العهد الروماني decumanus أما الشوارع التي تتعامد عليه من الشمال إلى الجنوب فتسمى cardo وكمثال عليها الشارع الذي يفصل ما كان وقتها حي الأنباط شرق المدينة عن بقيتها وهو يوافق إلى حد كبير شارع باب توما حالياً. 


* امتد الشارع المستقيم من الباب الشرقي شرقاً إلى باب الجابية غرباً وبلغ عرضه قرابة 26 متراً منها 13 متر لمنتصف الشارع والباقي مقسوم بين رواقين مسقوفين أحدهما شمالي والثاني جنوبي. ملكت دمشق محوراً آخر من الشرق إلى الغرب أقصر وأقدم  من الشارع المستقيم ألا وهو محور القيمرية أو الطريق المقدسة Via Sacra الذي كان يصل البوابة الشرقية لمعبد جوبيتر مع ساحة المدينة أو ما عرف تحت إسم forum في عهد الرومان و agora في العهد الهلنستي. 


* تم جر المياه للمدينة عن طريق نهر أو قناة القنوات. 

* كان الحصن أو المعسكر الروماني castrum يقع شمال غرب المدينة ويحتل قسماً من المكان الذي تشغله حالياً قلعة دمشق الأيوبية.

* يقع المسرح الروماني جنوب الشارع المستقيم بين خان سليمان باشا وجامع هشام ويشغل قسماً من مكانه حالياً بيتا العقاد (المعهد الدانماركي) وحورانية. بلغ قطره 93 متراً وكان يتسع ل 7000 إلى 9000 شخص. 

* يبقى الصرح الأكبر والأهم في المدينة هو معبدها (لا يزال الجامع الأموي أهم معالم المدينة ولكنه أصغر مساحة من قلعتها الإسلامية). للمقارنة كانت مساحة معبد جوبيتر الدمشقي 117000 متر مربع لقاء 16000 متر مربع لجامع بني أمية الكبير وكانت أبعاده الخارجية (محيط ال peribolos الروماني) 380 متر في 310 متر لقاء 155 متر في 100 متر للجامع الأموي والذي يعادل تقريباً مساحة المعبد الروماني الداخلي أو ما سمي temenos وقتها. 

No comments:

Post a Comment