Tuesday, July 16, 2019

مقاهي دمشق


بعث نهر بردى الطمأنينة والحبور في نفوس الدمشقييّن عبر العصور ومن الطبيعي أن تجذب ضفافه الآمنة الوادعة وأشجارها الظليلة طالبيّ التسلية والاسترخاء. الصورة الملحقة حديثة نسبيّاً (لربّما عادت لأواخر سبعينات القرن العشرين) وصفتها الدكتورة Sack حسب ترجمة الأستاذ قاسم طوير عن الألمانيّة "أطلال مقهى مشهور على ضفّة بردى عند باب السلام" دون تفاصيل تذكر. يحسن هنا محاولة تخيّل المقهى في أوج مجده وليس فقط معاينة أطلاله الدارسة وهذا ممكن بالاستعانة بالنصوص التاريخيّة التي اخترت منها وصف الأسقف العالم والرحّالة الإنجليزي Richard Pococke (١٧٠٤-١٧٦٥) الذي زار الشام عام 1737 (الولاية الأولى لسليمان باشا العظم) وروى ما شاهده في كتاب ثمين بعنوان "وصف الشرق" صدر عام ١٧٤٥. فيما يلي ترجمتي لما قاله (الأصل في الابط أدناه) وكأنّي به يصف نفس المقهى أو على الأقلّ مقهى تواجد وقتها في نفس المكان: 

مقاهي دمشق بهيجة للغاية يتكوّن العديد منها من غرف واسعة تسند أسقفها صفوف من الركائز حولها أرائك وخلفها يتواجد بشكل عامّ حوض من الماء وفي منتصفها بحرة وتظلّل الأشجار أو تغطّي المقاعد في الصحن. أخصّ بالذكر مقهى على بردى الذي يجري عبر المدينة وخلفه جزيرة مزروعة بالأشجار. موقع هذا المقهى مناسب جدّاً وهو من أجمل الأماكن التي يمكن أن بتخيّلها المرء في وسط مدينة عظيمة. يوجد في هذه المقاهي عروض موسيقيّة في ساعات معيّنة كل يوم ويدفع بعضها أجراً لشخص يروي في ساعة محدّدة قصصاً عربيّةً في أسلوب في منتهى الأناقة والفصاحة. هذه المقاهي بمثابة أندية لمن لا يشرب علناً إلّا الماء والقهوة والشراب (*) حيث يقضي المتبطّلون والغرباء وغيرهم ممّن لا ينتمون لنخبة القوم سويعات فراغهم ويحصلون على  مؤنهم من الحوانيت ويتناولون وجباتهم. هناك أناس يأتون من الخارج بمختلف أصناف الشراب الذي يشتهر به المكان.

(*) المقصود المشروبات غير الروحيّة طبعاً والمقارنة هنا بين المقهى في دمشق وما يدعى pub في بلاد المؤلّف. 










Dorothée SackDamaskus. Entwicklung und Struktur einer orientalisch-islamischen Stadt. von Zabern, Mainz 1989. 

No comments:

Post a Comment