للطواحين قديماً وظيفة دفاعيّة في حالة الحرب إضافة إلى مهمّتها الأصليّة في المساهمة في تموين المدينة في جميع الأوقات وهناك أكثر من مثال على هذا في دمشق. التقطت الصورة أعلاه لطاحونة باب السلامة منذ حوالي أربعين عاماً وهي مأخوذة من دراسة الدكتورة Sack الألمانيّة دون شرح باستثناء أنّها لربّما بنيت في القرن الثامن عشر (وبالتالي فالكلام هنا عن الطاحون الصغير) ومن هنا اعتمادي لمزيد من المعلومات على دراسة بالفرنسيّة عن أسوار وأبواب دمشق (رابط الكتابين متوافر أدناه للمهتمّين بالتفاصيل) ترجمت منها القسم المتعلّق بالطاحون المذكور (صفحة ٦٤-٦٥) كما يلي:
يتبع سور دمشق الأيّوبي (بني ١٢٤٢-١٢٤٣ للميلاد في عهد الصالح اسماعيل) من الغرب إلى الشرق منعطفات نهر بردى حتّى باب السلامة ولا يزال موجوداً بارتفاع ٢-٣ أمتار وإن لم نعاين فيه مرامياً للسهام.
لجدار الطاحون الغربي ثمانية مآخذ للماء وهو يبرز ٢٨ متراً عن السور. تتكوّن قاعدته من أحجار كبيرة صقيلة منضودة وملصوقة بدقّة وتتخلّله ثلاثة ثغرات لرمي النبال أصبحت اليوم نوافذاً. ينطبق هذا الترتيب أيضاً على الجدار الشمالي الشرقي إلّا أنّ ثغرات السهام أصبحت هنا أبواباً. هذه المواصفات شبيهة من كلّ الأوجه بتلك التي نصادفها في باب الفرح ويدلّ هذا على تزامن الطاحونين من أربعينات القرن الثالث عشر. من جهة ثانية يصعب تحديد تاريخ بناء القسم العلوي الآجرّي من الطاحون دون دراسات أكثر تعمّقاً نظراً لكثرة التعديلات التي طرأت عليه لاحقاً.
يوجد طاحون صغير بين هذا الطاحون الكبير وبين باب السلامة لا تزال حدرانه في حالة جيّدة وهي معمولة من الحجر المضلعّ المتوسّط الحجم ولا نجد على هذه الجدران أي أثر ينمّ عن وظيفة دفاعيّة.
يختفي السور تماماً إلى الشرق من هذا الطاحون وتحلّ محلّه جدران الحوانيت على طول شارع باب السلامة ويمكن تفسير هذا باستعمال الأحجار بهدف بناء الطاحون الصغير والبيوت الواقعة شمال الباب (هدمت في النصف الثاني للقرن العشرين) في عصر فقد فيه السور وظيفته الدفاعيّة نهائيّاً.
Dorothée Sack. Damaskus. Entwicklung und Struktur einer orientalisch-islamischen Stadt. von Zabern, Mainz 1989.
No comments:
Post a Comment