يمكن اعتبار نيابة الأمير سيف الدين تنكز الحسامي ١٣١٢-١٣٤٠ أحد العهود الذهبيّة التي مرّت على دمشق والتي تركت لنا عدّة أوابد (*) جرى التعرّض إليها سابقاً. تغيّر جامع تنكز ومحيطه كثيراً منذ بنائه عام ١٣١٧ وهو اليوم أبعد ما يكون عن جوّه الأصلي الأقرب إلى الريف منه إلى المدينة.
قام هذا الجامع غرب المدينة في حكر السمّاق (شارع النصر حاليّاً) على موضع كنيسة القدّيس نقولا البيزنطيّة وسط المروج ومرّ في صحنه قناة بانياس حيث يتوضّأ المصلّون وعليها اثنتان من النواعير الخشبيّة التي صبّت مياهها في حوضين فيهما أشجار من مختلف الأنواع وأزهار ونباتات زكيّة الرائحة فجمع بذلك بين فضائل دور العبادة ومحاسن المنتزهات. زاره الرحّالة الفرنسي de Thévenot عام ١٦٦٤ ووصف صحنه الفسيح المحاط بصومعة تستند أقواسها على أعمدة رخاميّة كبيرة وبلاطه الحجري الذي تمّ جلبه من الكنيسة. علاوة على ذلك جرت الاستفادة من المكان كنقطة تحميل للجمّال بالماء لقوافل الحجّ.
للجامع بوّابتين على شارع النصر بينهما واجهات لمحلّات تجاريّة. احترقت المئذنة عام ١٣٩١ في مواجهة بين السلطان برقوق والمملوك منتاش وأعيد بناؤها حسب النماذج القاهريّة وقتها أمّا عن الصحن فقد تغيّر في القرن التاسع عشر عندما جعل مقرّاً لمدرسة عسكريّة (المدرسة النظاميّة عام ١٨٣١ في عهد ابراهيم باشا ثمّ أصبحت مكتب الإعداديّة العسكريّة والمدرسة الحربيّة). استمرّ استعمال البناء لهذا الغرض خلال العهد الفيصلي والانتداب الفرنسي حتّى ١٩٣٢ واحترق عام ١٩٤٥. أعيد بناؤه بعدها وجرى تغيير واجهته من قبل الأوقاف ١٩٥١-١٩٥٢ ليعود بالنتيجة إلى وظيفته الأصليّة. جرت الاستعاضة عن الصرح ببناء جديد عام ٢٠٠٠ باستثناء بعض العناصر التاريخيّة كالمئذنة والتربة.
تزيّن المقرنصات بوّابتيّ الجامع وهما مع المئذنة بقايا أصليّة من المبنى. المئذنة مملوكيّة نمطيّة ذات قاعدة مربّعة وجذع مثمّن تتخلّله محاريب على جوانبها أعمدة صغيرة حلزونيّة أو محزّزة. نرى على الجذع أيضاً عصابات من النقوش الكتابيّة وفوقها شرفة ذات درابزين مخرّم محمولة على المقرنصات.
تلاصق التربة البوّابة الشرقيّة ودفن فيها الأمير تنكز بعد أن أتي برفاته من الاسكندريّة عام ١٣٤٤ وهي أقرب ما تكون إلى نماذج الأضرحة الأيّوبيّة بقبّتها البصليّة المرتكزة على رقبتين مضلّعتين وصالتها المربّعة .
Ross Burns. Damascus: A History. Routledge 2005.
Gérard Degeorge. Damas: des origines aux Mamluks. L'Harmattan, 1997.
Dorothée Sack. Damaskus. Entwicklung und Struktur einer orientalisch-islamischen Stadt. von Zabern, Mainz 1989.
Henri Sauvaire. Description de Damas
Stefan Weber. Ottoman Modernity and Urban Transformation 1808-1918. Proceedings of the Danish Institute in Damascus V 2009.
No comments:
Post a Comment