Tuesday, July 9, 2019

شارع باب توما


الصورة حديثة نسبيّاً وأعتقد أنّها من أواخر سبعينات القرن الماضي أمّا عن الشارع فهو قديم للغاية ويعود للعهد الروماني وإن طرأت عليه تعديلات في القرون الوسطى محيت معالمها أو كادت في مجزرة ١٨٦٠ ومن المعروف أنّ جمال باشا قام بتوسيعه في العقد الثاني للقرن العشرين. 

الأسطر التالية مع الخريطة الملحقة مقتبسة مع الاختصار من مقال بالفرنسيّة كتبه Jean Sauvaget عام ١٩٤٩ عن دمشق القديمة أرفق رابطه أدناه. 



نعاين شرق المدينة شارعين مستقيمين ومتوازيين A و B بطول ٤٠٠ متر يمتدّان من الشمال إلى الجنوب وشارعين إضافيّين متوازيين C و D يتقاطعان معهما ويتعامدان عليهما ويمتدّا من الشرق إلى الغرب. تتمايز هذه الشوارع المنتظمة بشكل صارخ عن محيطها الذي تشكّله شبكة الدروب المتعرّجة والأزقّة المسدودة التي نراها في سائر أرجاء المدينة. نلاحظ جنوب محور الشارع المستقيم وجود قطعتين من شوارع E و F مستقيمة تفصل أحدها عن الآخر نفس المسافة التي تفصل A عن B وتتساوى أيضاً المسافة التي تفصل هذه الشوارع الأربعة (ِA B E F) عن بعضها البعض عندما تتمفصل مع محور المدينة الشرقي-الغربي (الشارع المستقيم Via Recta أوDecumanus Maximus ).  علاوة على ذلك إذا مددنا خطّاً وهميّاً من الشمال إلى الجنوب استمراراً للشارع F نصل إلى بوّابة قديمة (باب كيسان) بينما إذا مددناه من الجنوب إلى الشمال بداية من الشارع المستقيم فهو يستمرّ في الشارع G الذي ينتهي بالنتيجة في باب توما. إذاً المحور العمودي G F من باب توما شمالاً إلى باب كيسان جنوباً قبل تعديل مساره هو ما يدعى Cardo في التخطيط الروماني. 

بإمكاننا بناءً على هذه المعطيات أن نفترض وجود شبكة منتظمة قديمة من الشوارع في العهود الكلاسيكيّة (الإغريقيّة-الرومانيّة) لا تزال خطوطها العريضة موجودة وظاهرة في بعض المواضع (A B C D) وانتهكت حدودها في مواضع ثانية (E F G). تفصل وسطيّاً مسافة ١٠٠ متر بين الشوارع الأفقيّة (أي الممتدّة من الشرق إلى الغرب موازية للشارع المستقيم) و ٤٥ متر بين الشوارع العموديّة (المتّجهة من الشمال إلى الجنوب) ويتشكّل من تقاطع هذه الشوارع جزر مخصّصة للأبنية والبيوت.

يظهر حيّ واحد داخل السور اليوم (باب توما وشرق دمشق) معالم التخطيط الروماني القديم ومع ذلك يمكن إسقاط الأدلّة أعلاه على بقيّة المدينة وتحرّي الشبكة الأصلية التي اختفت ملامحها لاحقاً في العصور الإسلاميّة ولربّما اعتباراً من العهد البيزنطي. 

عرف الحيّ الدمشقي بين شارع باب توما وسور المدينة الشرقي في العصور الوسطى ياسم حيّ الأنباط أو النيبطون أمّا عن وجود الأنباط في المدينة فهو بالطبع سابق للفتح الإسلامي بكثير ويعود للقرن الأوّل قبل الميلاد. 

أخيراً تحدّد الدائرة N في الخارطة على وجه التقريب ساحة المدينة القديمة (agora في العهد الهلنستي و forum في خلفه الروماني) وهي مستثناة من التخطيط الشطرنجي وعرفت في العهد الإسلامي باسم رحبة خالد ابن أسيد ويقطعها اليوم بشكل مائل زقاق الساحة.  





Jean Sauvaget. Le plan antique de Damas


Dorothée SackDamaskus. Entwicklung und Struktur einer orientalisch-islamischen Stadt. von Zabern, Mainz 1989. 



No comments:

Post a Comment