تعرّضت سابقاً لأسبار صحن الجامع الأموي في مطلع ستّينات القرن الماضي لدى الحديث عن البلاط نقلاً عن الدكتور عبد القادر ريحاوي والمجلّد الثالث عشر للحوليّات الأثريّة السوريّة الصادر عام ١٩٦٣. نأتي اليوم إلى مقال الدكتور عدنان البنّي بعد أربعين عاماً ونيّف (٢٠٠٤) عن بقيّة اكتشافات موسم التنقيب ذاته ولا أستطيع تفسير هذا التأخير إلّا عبر عبارة مقتضبة للعالِم الراحل مفادها أنّ "أعمال التنقيب توقّفت فجأة إثْرَ ابتزاز" دون تحديد هويّة المبتزّ أو ماهيّة الابتزاز.
أماط التنقيب اللثام عن بقايا من الجدران من اللِبْن brique crue وخزف يعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد معاصر لإيبلا Ebla. إذاً لدينا دليل على نشاط بشري معيّن في هذا الموقع منذ أكثر من أربعة آلاف عام.
لا نملك معلوماتٍ تستحقّ الذكر عن دمشق في الألف الثاني قبل الميلاد باستثناء ذكر مقتضب هنا وهناك والمعلومات عن هيكلها - إذا تواجد - معدومة.
ظهر الدليل المادّي الوحيد عن المعبد الآرامي بمحض الصدفة أثناء ترميم الجامع عندما اكتشف مجسّمٌ بازلتيٌّ في الأسس الشماليّة قرب الزاوية الشماليّة الشرقيّة للبناء كتب عنه الأمير جعفر عبد القادر عام ١٩٤٩ في مجلّة Syria. يعود هذا المجسّم الموجود حاليّاً في متحف دمشق الوطني على الأرجح إلى القرن التاسع قبل الميلاد.
المعطيات عن الهيكل اعتباراً من سقوط دمشق بيد الآشورييّن عام ٧٣٢ قبل الميلاد ومروراً بالعهود الفارسيّة والهلنستيّة غائبة عمليّاً وتعتمد إلى حدٍّ كبير على المقارنة والأدلّة غير المباشرة.
اختلف الوضع جذريّاً مع مطلع العهد الروماني عندما شهدت دمشق برنامجاً عمرانيّاً ضخماً بكلّ المقاييس لا تزال آثاره باديةً للعيان في البوّابة الضخمة غرب باب البريد ونظيرتها شرق باب جيرون وجدران الجامع نفسه. بقي أن نستعرض مع الدكتور البنّي آثار معبد المشتري التي كشفتها أسبار صحن الجامع قبل أكثر من ستّين عاماً قبل إهالة التراب عليها مجدّداً وهذا موضوع المنشور المقبل.
ʿAdnān al-Bunni. Du Temple Païen à la Mosquée. Sacralidad y Arqueología, Antig. Crist. (Murcia) XXI, 2004, Págs. 595-605.
No comments:
Post a Comment