رأينا أنّ النقش الكتابي المركزي - والأشهر - على ساكف بوّابة المعبد (الجامع الأموي حاليّاً) يذكر المسيح أي الابن؛ رأينا أيضاً أنّ نقش ساكف فتحة البوّابة الغربيّة يشير إلى الأب. كما رأينا أيضاً أنّ كلاهما من سفر المزامير في كتاب العهد القديم. هل هذا يعني أنّ كتابة ساكف فتحة البوّابة الشرقيّة تذكر الروح القدس أو ترمز إليه على اعتباره ثالث الأقانيم؟ لا شكّ أنّ هذا التحليل منطقي بيد أنّنا لا نملك أدلّةَ إثبات.
أُرْفِقُ مع المنشور النصّ المتبقّي من الكتابة اليونانيّة الثالثة نقلاً عن الأب Mouterde مع تعريبِهِ الآتي:
"زيّن النسر عرشَهُ؛ ملْكُهُ..."
علّق Mouterde عام ١٩٢٥ على هذه الكتابة الغامضة والمُقْتَضَبة كما يلي:
سُدّت الفتحة الشرقيّة للبوّابة الجنوبيّة المثلّثة منذ قرون كما سُدّت الفتحة المركزيّة. مع الأسف حَجَبَت بيوتٌ كسيحةٌ ملاصقةٌ للجامع هذه الفتحة إلى أنّ كُشِفَت بفضل de Lorey الذي أخذ انطباعاً للنقش الكتابي فوقَها. يبلغ عدد أحرف النصّ اليوم ٣٢ ولكنّ الحوانيت التي شُيّدَت بعد إظهارها غطّتها من جديد ولم يبقَ ظاهراً للعيان منها إلّا الأحرف الثلاثة عشر الأخيرة. الأحرف نحيلة وشديدة التطاول وهي بذلك مشابهة للأحرف على ساكفيّ البوّابة المركزي والغربي أمّا عن تاريخها فمن الممكن أنّها تعود إلى عهد ثيودوسيوس أو أن تنتمي إلى عهدٍ لاحقٍ. لا نجد الروح القدس في العبارة الأولى كما توقّعنا بل ذكراً لنسر قد يرمز إلى جبهة fronton الحرم. ليست هذه العبارة من المزامير أو أي نصّ محدّد في الكتاب المقدّس بيد أنّها قد تلخّص، في ثلاث كلمات، رؤيا يوحنّا إذ تأمّل العرش الإلهي الذي تحمِلُهُ حيوانات حزقيال الرمزيّة الأربع:
حزقيال الإصحاح العاشر الآية الرابعة عشرة:
"وَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الأَوَّلُ وَجْهُ كَرُوبٍ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَجْهُ إِنْسَانٍ، وَالثَّالِثُ وَجْهُ أَسَدٍ، وَالرَّابعُ وَجْهُ نَسْرٍ".
رؤيا يوحنّا الإصحاح الرابع الآيتان السادسة والسابعة:
"وَقُدَّامَ الْعَرْشِ بَحْرُ زُجَاجٍ شِبْهُ الْبَلُّورِ. وَفِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةُ حَيَوَانَاتٍ مَمْلُوَّةٌ عُيُونًا مِنْ قُدَّامٍ وَمِنْ وَرَاءٍ:"
"وَالْحَيَوَانُ الأَوَّلُ شِبْهُ أَسَدٍ، وَالْحَيَوَانُ الثَّانِي شِبْهُ عِجْل، وَالْحَيَوَانُ الثَّالِثُ لَهُ وَجْهٌ مِثْلُ وَجْهِ إِنْسَانٍ، وَالْحَيَوَانُ الرَّابِعُ شِبْهُ نَسْرٍ طَائِرٍ."
فقد الفضاء بين السورين مبرّرَ وجودِهِ بعد تحوّل الهيكل إلى كنيسة وطُرِدَ الوثنيّون منْهُ وحُرِّمَ عليهم الطواف عبْرَهُ. امتدّ النسيج العمراني شيئاً فشيئاً على حساب هذا الفضاء وبُنْيَت أروقةٌ معمّدةٌ colonnades بهدف الوصل بين أبواب سور الهيكل الداخلي péribole من جهة، ونظيرتها على سور الهيكل الخارجي enceinte extérieure من جهةٍ ثانية. إلى اليوم لا يزال الرواقان البيزنطيّان المعمّدان في الشمال والغرب محفوظَيْن إلى درجةٍ لا بأس بها أمّا الشرقي فقد تلاشى أو كاد باستثناء قطعة عمود تمّ ضمُّها إلى جدار أحد البيوت.
الصورة الملحفة للسيّد Eustache de Lorey الذي أخذ انطباع الكتابة المذكورة.
Gérard Degeorge. La Grande mosquée des Omeyyades, Damas. Paris 2010
Alain George. The Umayyad Mosque of Damascus. Art, Faith and Empire in Early Islam. Gingko, 2021
René Mouterde. Inscriptions grecques relevées par l'Institut Français de Damas. Syria 1925 (pp. 351-364).
No comments:
Post a Comment