لدمشق والشرق الأدنى وخصوصاً فلسطين مكانة خاصّة في قلوب الغرب المسيحي دفعت رحّالتهم وعلمائهم وجغرافييّهم الواحد تلو الآخر للقيام برحلات طويلة على ظهور الدواب في أرض وعرة بغية دراسة ووصف الديار المقدّسة وغامر كثيرون منهم بحياتهم في هذا السبيل الذي تفاوت نجاحهم فيه بتفاوت كفاءة وجلد ومثابرة وحظّ الشخص أو الأشخاص.
يطلّ كتاب "Rob Roy على نهر الأردن" الصادر عام ١٨٦٩ على الديار المقدّسة من نافذة مختلفة وجديدة بالتمام والكمال إذ يمخر المؤلّف المكتشف عنان المجاري المائيّة في الشرق الأدنى على متن زورق صغير حمله المساعدون والدوابّ عند الضرورة لدى الانتقال من بحيرة إلى نهر أو من نهر إلى نهر مروراً باليابسة ويبقى الوصف الأساسي من منظور الملّاح. من البدهي أنّ الكثير من المسالك المائيّة المطروقة لا تصلح إلّا للزوارق الصغيرة وبالتالي كان لا بدّ لبطلنا أن يبتكر ما أسماه Rob Roy وهو كناية عن زورق canoe "شختورة" إذا شئنا مصنوع من خشب السنديان والأرز صغير وخفيف بلغ وزنه الإجمالي ٧٢ رطل (٣٢ كيلوجرام ونصف على وجه التقريب) و ٦٠ رطل (٢٧ كيلوجرام) إذا طرحنا المجاذيف والصواري والأشرعة. طول الزورق ١٤ قدم (أربعة أمتار وثلث المتر) أمّا عن عرضه فبلغ ٢٦ بوصة (ثلثيّ المتر) وعمقه ثلاثين عشير المتر. (قدم واحد).
الكاتب والمكتشف اسكتلندي يدعى John MacGregor ١٨٢٥-١٨٩٢ يعتبر رائداً للملاحة بالزوارق من هذا النوع علاوة على امتهانه المحاماة في لندن وموهبته كفنّان رسم اللوحات التي زيّتنت كتبه. أضف إلى هذا وذاك ورعه وتديّنه إلى درجة التعصّب وازدراء الغير حتّى المسيحييّن منهم (كما في إشارته إلى الكاثوليك الذين وصفهم في زحلة كأتباع كسالى ومتحجّرين للبابا bigoted papists.
هدف رحلة Rob Roy نهر الأردن نظراَ لقدسيّته في كتاب العهد الجديد أمّا عن بدايتها فكانت في مصر اسماعيل باشا التي كانت تمرّ بتغيّرات متسارعة تحت قيادة الخديوي في جهوده للتحديث وأهمّها بالطبع شقّ قناة السويس وأكتفي في الأيّام المقبلة بمحاولة متواضعة لتغطية ما يتعلّق يدمشق ومحيطها كما ورد في الكتاب مع الاختزال والتصرّف و للقارىْ المهتمّ أن يطالع ما كتبه المؤلّف عن بحيرتيّ المنزلة والتمساح ومدن السويس وبور سعيد والاسماعيليّة ومصادر نهر الأردن وكثير غيرها في رابط الكتاب أدناه. أرفق أيضاً رابط سيرة المؤلّف لمن يهمّه التوسّع والتعرّف على المزيد من أعماله.
للحديث بقيّة.
No comments:
Post a Comment