Wednesday, May 22, 2019

ضريح معاوية بن أبي سفيان


بذل العبّاسيّون قصارى جهدهم لاستئصال شأفة بني أميّة وكلّ ما يمتّ إليهم بصلة في دمشق باستثناء جامعها الكبير. لم يسلم حتّى الأموات من انتقام الفاتحين عندما نبشوا قبور الخلفاء الراحلين من عبد الملك إلى هشام الذي قاموا بجلد جثّته ثمانين مرّة قبل حرق ما تبقّى منها (كما كتب المسعودي في القرن العاشر للميلاد). يقال أنّهم وفّروا ضريح الخليفة الورع عمر بن عبد العزيز ولربّما معاوية إذ يبدوا أنّ المكان المفترض لقبره كان مشهوراً في عهد المسعودي ومع ذلك لا يملك المدقّق إلّا أن بشكّك في ذلك إذا قبلنا الروايات التي تقول أنّ العبّاسييّن أزالوا آثار المدافن الأمويّة بالكامل وحرثوها وذرّوا فيه البذار لفترة مائة عام بعد سقوط السلالة المنكوبة. 

رغم كلّ هذا وأكثر لا يزال "ضريح معاوية" موجوداً في مقبرة الباب الصغير ولكنّه في أفضل الأحوال لا يتعدّى كونه بنية متأخّرة قائمة على الموضع الذي شغله القبر الأصلي ويتّفق العلماء أنّ أقدم آثار هذه المقبرة (قبر فاطمة بنت أحمد بن الحسين السبطي) يعود إلى العهد الفاطمي وعام ١٠٤٨ للميلاد ليس إلّا. 

تنتمي شاهدة "قبر معاوية" في الباب الصغير أو بالأحرى ما تبقّى منها إلى أواخر العهد المملوكي بدلالة الخطّ النسخي المستعمل وتقول ما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم
هذا قبر خال المؤمنين معاوية بن أبي
سفيان كاتب الوحي ورديف رسول
الله صلّى الله عليه وسلّم

القبر نفسه يحمل العبارات التالية بالخطّ النسخي العثماني:

هذا مرقد سيّدنا معاوية رضي الله عنه
جدّد هذا المقام صاحب الخيرات ادنوي
الحاجّ محمّد باشا محافظ شام سنة ١١١٥ (١٧٠٣-١٧٠٤ للميلاد)

إذاً الضريح الموجود اليوم مملوكي جدّد في العهد العثماني ومع ذلك من المحتمل أنّ مثوى معاوية الأخير كان في تربة الباب الصغير.  هناك ثلاثة أماكن إضافيّة مزعومة لقبر هذا الخليفة وأحدها يعزى "لمعاوية الصغير":

- دار الإمارة الخضراء بمحاذاة الجدار الجنوبي للجامع الأموي وشرق قصر العظم حاليّاً.
  
- زاوية الهنود جنوب شرق الجامع الأموي (رقم ٢-٤٣ في الخريطة الملحقة ومن الواضح أنّ الموقع مشمول في معبد المشتري الخارجي أو peribolos) ولكن لا يوجد أي دليل نصّي يؤيّد هذا الموقع. 

- جدار الجامع الأموي مكان اجتماع قرّاء السبع (تواجد حسب ابن عساكر شرق مقصورة الصحابة). 





فيليب حتّي. تاريخ سورية



Dorothée SackDamaskus. Entwicklung und Struktur einer orientalisch-islamischen Stadt. von Zabern, Mainz 1989.

Khaled Moaz-Solange Ory Inscriptions arabes de Damas : les stèles funéraires. Cimetière d'Al-Bab Al-Sagir. 

Ross BurnsDamascus: A History

No comments:

Post a Comment