Friday, May 3, 2019

قاسيون


يحضن هذا الجبل دمشق من الشمال والغرب ويرتفع ١١٥١ متراً عن سطح البحر. عرف قديماً باسم Mons Cassius وكانت المدينة بعيدة عنه نسبيّاً ولكن قنوات يزيد وتورا سمحت بزرع سفوحه التي انتشرت فيها البساتين. للجبل صبغة دينيّة وفيه عدد من المزارات وقصّة استيطانه من قبل بني قدامة وتطوّر حيّ الصالحيّة بداية من القرن الثاني عشر معروفة ولا داعي لتكرارها هنا. 

ظلّت الصالحيّة خارج دمشق حتّى أواخر القرن التاسع عشر وكان التنقلّ بينها وبين دمشق على ظهور الدوابّ كما شهدت قرينة القنصل البريطاني في دمشق ١٨٦٩-١٨٧١ الليدي Isabel Burton في كتاب "الحياة الداخلية في سوريا و فلسطين و الديار المقدسة" الصادر عام ١٨٧٥.

تلى تطوّر حيّ المهاحرين ومن ثمّ المواصلات -الترام- في مطلع القرن العشرين بناء المنازل الفخمة أوّلاً ثمّ تطوّر الأحياء السكنيّة حول طريق الصالحيّة خصوصاً في عهد الانتداب الفرنسي عندما قطن هذا الجوار الأجانب واقتفى كثير من الدمشقييّن خطاهم هاجرين المدينة القديمة داخل السور إلى الشقق الحديثة على الطراز الأوروبي في الأحياء الجديدة. 

أتى توسّع العمران في هذه المنطقة على حساب الغوطة التي تقلّصت رقعتها بالتدريج وأصبحت مهدّدة بالزوال في النصف الثاني للقرن العشرين عندما تفتّق ذهن المسؤولين عن "حلّ" يتمّ بموجبه تشجير سفوح جبل قاسيون الجرداء وشقّ الطرق فيه وبناء عليه أحدث مرسوم بتشكيل شركة جبل قاسيون عام ١٩٧٧ وأشرف عليها وقتئذ المهندس علي الطرابلسي الذي أصبح وزير صناعة ١٩٨٥-١٩٨٧. لأ أملك أرقاماً وما أعرفه أنّ ميزانيّة هذه الشركة (قطاع عامّ شأنها بذلك شأن زميلتها شركة الإسكان العسكري) كانت هائلة بمقاييس ذلك الوقت وأذكر سريان شائعات في تلك الفترة عن التخطيط لتلفريك يربط قمّة الجبل بخانق الربوة. 

مشروع تشجير قاسيون خطوة مرغوبة ما في ذلك من شكّ ومع الأسف لم تترافق مع أي محاولة جديّة لإنقاذ الغوطة كما ندب السيّد عبد القادر قدّورة نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصاديّة وقتها ورئيس مجلس الشعب لاحقاً (كان رحمه الله أستاذي لمادّة العلوم في الصفّ التاسع). 



Dorothée SackDamaskus. Entwicklung und Struktur einer orientalisch-islamischen Stadt. von Zabern, Mainz 1989.


No comments:

Post a Comment