لا خلاف على نسبة التكيّة السليمانيّة إلى السلطان سليمان القانوني (١٥٢٠-١٥٦٦) ولكن المجمّع يضمّ أيضاً مبنى أقلّ اتّساعاً إلى الشرق يسمّيه البعض "التكيّة الصغرى" بينما هو في الواقع مدرسة دعتها معظم المراجع الأجنبيّة لفترة تجاوزت المائة عام وحتّى القرن الحادي والعشرين خطأً "المدرسة السليميّة" ولزيادة الطين بلّة هناك من يزعم أنّ بانيها هو السلطان سليم الأوّل (١٥١٢-١٥٢٠) وآخرون يدّعون الفضل لحفيده سليم الثاني (١٥٦٦-١٥٧٤).
الصواب أنّ المجمّع بأكمله يعود لعهد السلطان سليمان إذ بوشر ببناء التكيّة عام ١٥٥٤ وأنجزت عام ١٥٦٠ أمّا عن المدرسة إلى الشرق ففد انتهى العمل في بنائها مع العام الأخير لحكم هذا السلطان أي عام ١٥٦٦ ورمّمت في عهد جمال باشا ١٩١٦-١٩١٧ لتصبح سوقاً للحرف والفنون و الصناعات اليدويّة في عهد الاستقلال. هناك بالفعل تكيّة سليميّة صغيرة وبسيطة نسبيّاً أمر ببنائها سليم الأوّل ولكنّها في حيّ الصالحيّة ولا علاقة لها بالصرح الباذخ شرق المتحف الوطني الحالي لا من قريب ولا من بعيد.
الصورة أعلاه من أواخر سبعينات أو مطلع ثمانينات القرن العشرين وهي كما نرى معنونة من قبل الدكتورة Sack "المدرسة السليميّة" أمّا المخطّط أدناه فهو من Wulzinger و Watzinger عام ١٩٢٤ والتسمية أيضاً السليميّة!
بني مجمّع السليمانيّة على الموقع الذي احتلّه قصر بيبرس الأبلق على ضفّة بردى غرب مدينة دمشق لاستقبال الحجّاج والصوفيّة ونفّذ التكيّة مهندس عمارة إيراني نقلاً عن مخطّط وضعه المعماري الشهير سنان باشا (١٤٨٩-١٥٨٨) وكان هذا العمل بداية دخول طراز عمارة القسطنطينيّة إلى دمشق. تستحقّ التكيّة مقالاً (بالأحرى كتاباً) مستقلّاً وأمّا عن المدرسة السليمانيّة بالذات فهي باختصار شديد مؤلّفة من صحن مستطيل يتوسّطه حوض مائيّ وتحيطه أروقة يتمّ الدخول منها إلى غرف الطلّاب ومسجد صغير تغطّيه قبّة فوق رقبة مثمّنة تخترقها النوافذ وهذه القبّة أقرب ما تكون إلى الطراز المملوكي منه إلى العثماني. ليست المدرسة السليمانيّة صنواً للتكيّة من ناحية الأبعاد ويعوّض عن صغرها غنى زخارفها وتنوّعها من الأبلق والرخام المطعّم والميداليّات المرصّعة والمربّعات الخزفيّة الضاربة إلى اللون الأزرق والمزيّنة بالنماذج النباتيّة الجميلة. يمكن اعتبار المشروع ككلّ تزاوج بين التخطيط العثماني بأبعاده الفسيحة وأنماط الديكور الدمشقي العريق.
Ross Burns. Damascus: A History. Routledge 2005.
Gérard Degeorge. Damas: des Ottomans à nos jours. L'Harmattan, 1994.
A. Q. AI-Rihawi, E. Ouéchek. Les deux "Takiyya" de Damas. Bulletin d'Etudes Orientales Volume XXVIII 1975.
Dorothée Sack. Damaskus. Entwicklung und Struktur einer orientalisch-islamischen Stadt. von Zabern, Mainz 1989.
Karl Wulzinger & Carl Watzinger. Damaskus, die Islamische Stadt. Walter de Gruyter 1924.
No comments:
Post a Comment