Tuesday, June 4, 2019

المدرسة الظاهريّة

حوالي ١٩٨٠

قامت التكيّة السليمانيّة في القرن السادس عشر على الموقع الذي شغله القصر الأبلق المندثر ومن المعروف أنّ هذا الأخير يعود للنصف الثاني من القرن الثالث عشر وعهد السلطان المملوكي الظاهر بيبرس. 

بالمقابل لا تزال المدرسة الظاهريّة العريقة شامخة بقبّتها الجميلة شمال غرب الجامع الأموي ولهذه المدرسة تاريخ موغل في القدم مرّت عليها خلاله كثير من التقلّبات.

احتلّت الموقع في الأصل دار الشريف العقيقي الذي توفّي في أواخر القرن العاشر للميلاد عندما كانت دمشق تحت الحكم االفاطمي. قطن هذه الدار في القرن الثاني عشر الأمير الكردي نجم الدين أيّوب الساعد الايمن للأتابك نور الدين ووالد الملك الناصر صلاح الدين.

توفّي الظاهر بيبرس عام ١٢٧٧ ويقال أنّه تجرّع خطأً السمّ الذي دسّه لأمير أراد التخلّص منه (هناك أكثر من رواية في هذا الصدد) وفرح ابنه الملك السعيد عندما وصله نبأ موت أبيه الذي يعني حلوله محلّه  -الكلام هنا للمقريزي-. جرى دفن جثمان بيبرس في البداية في قلعة دمشق إلى أن أمر الملك السعيد نائب دمشق عزّ الدين أيدمر بشراء دار العقيقي المواجه للمدرسة العادليّة الكبرى على جناح السرعة بمبلغ ستين الف درهم وبناء تربة مع قبّة ومدرسة في موضعها وهكذا كان. أشرف على التنفيذ المهندس المعماري ابراهيم بن غنائم الذي ترك لنا اسمه مع تاريخ البناء (الموافق ١٢٧٧ للميلاد) منقوشاً في الزاوية اليسرى من البوّابة المهيبة في غياهب أحد أسناخ المقرنصات. 

من اليمين إلى اليسار العادليّة ثمّ الظاهريّة وورائها مئذنة قايتباي ثمّ قبّة النسر آب ١٩٨٩


القبّة محمولة على عنقين لكلّ منهما ثمانية أضلاع تتخلّل العلوي نوافذ مزدوجة عل كلّ جانب من جوانبه الثمانية بينما تتناوب هذه النوافذ في أضلاع العنق السفلي الأكثر ارتفاعاً لتشغل أربعاً من أوجهه الثمانية. للمدرسة محراب جميل في الجدار الجنوبي وعلى جدرانها من الداخل ألواح فسيفساء تشغل القسم العلوي ويظهر فيها التأثير البيزنطي الذي لمسناه في فسيفساء الجامع الأموي وإن لم يكن على نفس الدرجة من الإتقان.  

تحوّلت المدرسة الظاهريّة إلى أوّل مكتبة عموميّة في دمشق عام ١٨٨٠ واستمرّت كذلك لقرن من الزمن إلى أن جرى نقل مخطوطاتها التي لا تقدّر بثمن إلى مكتبة الأسد الوطنيّة عام ١٩٨٦. 





Gérard DegeorgeDamas: des origines aux Mamluks. L'Harmattan, 1997. 

Ross Burns. Damascus: A History. Routledge 2005. 

Dorothée SackDamaskus. Entwicklung und Struktur einer orientalisch-islamischen Stadt. von Zabern, Mainz 1989.

No comments:

Post a Comment