Saturday, June 22, 2019

ساحة المرجة


دعيت سابقاً ساحة السرايا وتدعى اليوم رسميّاً ساحة الشهداء

الموقع خارج سور المدينة إلى الغرب ويمكن النظر إليه كامتداد لمحلّة تحت القلعة في العهد المملوكي وبني فيه جامع يلبغا في القرن الرابع عشر للميلاد أمّا عن الساحة فهي وليدة القرن التاسع عشر (انظر أدناه) ويمكن الرجوع لما كتبه الدكتور قتيبة الشهابي في "تاريخ وصور" لمزيد من التفاصيل. 

اعتمد رخاء دمشق من الناحية التاريخيّة على ثروتها الزراعيّة المتمثّلة في غوطتها الغنّاء وعلى التجارة. للمصدر الثاني أهميّة خاصّة مردّها موقع واحة دمشق الاستراتيجي على تخوم الصحراء ممّا جعلها عقدة مواصلات على أكثر من محور: 

- محور شمالي جنوبي من القسطنطينيّة إلى مكّة.
- محور من الشمال والشرق إلى الجنوب والغرب من الشرق الأقصى والهند مروراً ببلاد ما بين النهرين إلى مصر. 
- محور من الداخل (البادية) إلى الساحل.

ظلّ المحور الأوّل هو الأهمّ طوال العصور الإسلاميّة وحتّى القرن الثامن عشر على اعتباره طريق الحجّ الذي تركّزت حياة المدينة الاقتصاديّة حول مواسمه السنويّة ولكن مع تطوّر المواصلات البحريّة (أسرع وأقلّ كلفة وأكثر أمناً) التي توّجها افتتاح قناة السويس عام ١٨٦٩ تغيّر هذا الوضع جذريّاً وتحتّم على دمشق التكيّف مع الواقع الجديد وإعادة توجيه اقتصادها وتجارتها من المحور الأوّل (الحجّ) إلى الثالث (داخل-ساحل) ويمكن اعتبار تدشين خطّ عربات بيروت-دمشق عام ١٨٦٣ نقطة البداية في هذا المضمار. هذا لا يعني بالطبع أنّ قوافل الحجّ البريّة "تبخّرت في ليلة ما فيها ضوء قمر" إذ يبقى له مكانة روحيّة ودينيّة وسياسيّة لا يمكن إنكارها مهما قلّ دوره الاقتصادي بدلالة بناء الخطّ الحديدي الحجازي في مطلع القرن العشرين بهدف تسهيل الرحلة والتأقلم مع الظروف المتغيّرة. 

تزامن شقّ طريق بيروت دمشق ١٨٦٣ تقريباً مع تغطية بردى وخلق ساحة المرجة عام ١٨٦٦ ويمكن النظر للحدثين كوجهين لعملة واحدة جوهرها تحوّل توجّه دمشق من طريق الميدان أو الطريق السلطاني للحجّ (شمال جنوب إلى بوّابة الله باتّجاه الحجاز عن طريق حوران) إلى المرجة-شارع بيروت-الربوة باتّجاه الساحل (شرق-غرب) وزاد من أهميّة المحور الأخير والمرجة تبنّي الترام في نهاية العقد الأوّل من القرن العشرين مع دخول الكهرباء للمدينة خصوصاً وأنّ الساحة شكّلت نقطة تجمّع وانطلاق للحافلات الكهربائيّة من وإلى مختلف أرجاء دمشق. 

فلننظر الآن إلى تطوّر ساحة المرجة اعتباراً من القرن التاسع عشر:

- بناء السرايا الثانية (الأولى دار المشيريّة مكان قصر العدل حاليّاً) أي قصر الوالي كنج يوسف باشا عام ١٨٠٧ ومنه تسمية ساحة السرايا. 

- تغطية نهر بردى وخلق ساحة المرجة في عهد الوالي محمّد راشد باشا ١٨٦٦.

- بناء سوق علي باشا ١٨٧٧ الذي ربط بين سوق الخيل (تحت القلعة) والسوق العتيق (إلى الشرق من جامع يلبغا). هدم في نهاية أربعينات القرن العشرين. 

- العدليّة (مدخل البحصة) وإلى جوارها البريد والبرق: حوالي ١٨٧٨. هدم الإثنان في مطلع خمسينات القرن العشرين.

- بناء فندق فيكتوريا الكبير ودار البلديّة (تسعينات القرن التاسع عشر). هدم الأوّل في منتصف القرن العشرين والثاني عام ١٩٥٨.

- بناء السرايا الجديدة أو الثالثة عام ١٩٠٠ وهي لا تزال موجودة ولله الحمد.

- النصب التذكاري للبرق (عمود التلغراف) وسط الساحة عام ١٩٠٧ ولا يزال موجوداً.

- بناء عزّت باشا العابد التجاري ١٩٠٨-١٩١٠ في الموقع الذي شغله قديماً قصر كنج يوسف باشا. بناء العابد لا يزال على قيد الحياة.

- فندق أميّة-عمر الخيّام ١٩٢٧ (لا يزال موجوداً) في المكان الذي شغله سابقاً فندق أمريكا-فيكتوريا الذي احترق في مطلع العشرينات. 

تغيّر الكثير في الساحة في النصف الثاني من القرن العشرين إذ تمّت تغطية نهر بردى (بين المرجة وجسر فيكتوريا) وإلغاء الترام في مطلع الستينات وثالثة الأثافي هدم جامع يلبغا في منتصف السبعينات.  



قتيبة الشهابي. دمشق تاريخ وصور ١٩٨٧. 


Jean-Luc Arnaud. Damas Urbanisme et Architecture 1860-1925. Sindbad 2006. 

Dorothée SackDamaskus. Entwicklung und Struktur einer orientalisch-islamischen Stadt. von Zabern, Mainz 1989.

Stefan Weber. Ottoman Modernity and Urban Transformation 1808-1918. Proceedings of the Danish Institute in Damascus V 2009. 

No comments:

Post a Comment