سأضرب صفحاً اليوم عن ترجمة النصّ الفرنسي لكتاب "القدس ودمشق" كونه لا يوجد في الأصل شرح مرافق للصورة الملحقة التي عنونها المؤلّف Charles Lallemand بكل بساطة "شارع في دمشق" دون ذكر الجامع في الخلفيّة. ليس هناك غرابة في هذا فعلى الرغم من وجود لقطات لعدّة مآذن وجوامع في الكتاب، لا يوجد وصف ولا حتّى اسم لأيّ منها اللهمّ إلّا الأموي بالطبع والتكيّة السليمانيّة وأملي أن أتعرّض لهما من خلال عينيّ الكاتب في الأيّام القليلة المقبلة. المؤلّف بشكل عامّ لا يتعرّض لأوابد المدينة ومعالمها مع بعض الاستثناءات ويركّز عوضاً عن ذلك على عادات وتقاليد أهل الشام والحياة اليوميّة وتعامل الناس بعضهم مع بعض ومآكلهم ومشاربهم وملابسهم ونزهاتهم وأسواقهم وحرفهم مع وصف لا يخلوا من الروائيّة والشاعريّة للطبيعة وتفاعلها مع المدينة.
بناء عليه سألجأ إلى مصدر بديل لإعطاء لمحة موجزة عن الجامع في الصورة وأنا شبه متأكّد أنّه جامع القاري الواقع داخل سور المدينة إلى الشمال والغرب من مكتب عنبر. فلنقرأ ما كتبه في هذا الصدد الأستاذ الأوسترالي Ross Burns في كتاب "تاريخ دمشق" باللغة الإنجليزيّة:
لم يتميّز القرن السابع عشر بالعديد من أعمال البناء وقليلة هي الجوامع التي شيّدت فيه ولم يبق منها إلّا ما ندر على سبيل المثال جامع القاري -حوالي ١٦٥٠ للميلاد (١)- الذي تزيّن مئذنته زاوية شارع واقع شرق الجامع الأموي. لهذه المئذنة مقرنصات تعلوها شرفة وتعود إلى ١٦٩٧-١٦٩٨ وأمّا الجامع فقد بني بفضل كرم آل السفرجلاني الذين كانوا من أغنى تجّار دمشق وقتها وذوي أملاك عديدة في هذا المكان من المدينة وكانوا من أتباع الطريقة الصوفيّة الخلوتيّة. قامت نفس العائلة بعد قرن من الزمن ببناء مسجد ثانٍ يحمل اسمهم -مسجد السفرجلاني (٢)- على بعد خمسين متراً باتّجاه الشرق له مئذنة أكثر تقشّفاً تقع على الزاوية.
١. لا أعلم من أين أتى الدكتور Burns بهذا التاريخ. لا خلاف أنّ الجامع القاري يعود للقرن السابع عشر وهناك ما يشير إلى وجود فرق سنتين بين بناء المئذنة والجامع ولكن من المستبعد أنّ نصف قرن فصلت بينهما.
٢. إذا صحّ هذا الكلام يكون هناك جامعين بناهما آل السفرجلاني أحدهما يدعى القاري والثاني السفرجلاني ولم أنجح في العثور على مصدر يعزّز هذا الزعم. لزيادة اللخبطة يورد موقع مديريّة أوقاف دمشق (الرايط أدناه) اسم "مسجد الحبّال" ويقول أنّ تسميته بالسفرجلاني خاطئة ولكنّ الصورة الملحقة --العتب على النظر- تبدوا وكأنّها لجامع القاري!
No comments:
Post a Comment