Monday, April 15, 2024

حدقة عين المشرق

 


دمشق قبل الإسلام: الخاتمة


الأسطر التالية منقولة مع الاختزال والتصرّف عن Will (صفحة ٤٢ - ٤٣): 


لدينا ما يكفي من المعلومات الدالّة على اعتماد الهلنستييّن والرومان مشروعاً كبيراً يهدف إلى إنشاءِ مدينةٍ جديدة إلى جانب القديمة. 


ليست هذه المعطيات من الدقّة بما يسمح برسم المخطّط والتوزيع بحذافيرهما بيد أنّ الآثار المتبقيّة وروايات المؤرّخين ترجّح النيّة في تخطيط المدينة في أواخر العهد السلوقي وأنّ الرومان تبنّوا هذه الفكرة وبذلوا جهدهم في ترجمتها على أرض الواقع. نملك - بفضل النقوش الكتابيّة اليونانيّة المتبقيّة - ما يسمح لنا بتأريخ الهيكل ومن المنطقي أن نعمّم على المدينة ونسلّم بوجود برنامج أراد أغسطس ومن خَلَفَهُ من خلالِهِ رفع دمشق إلى مصاف مراكز الإقليم العظيمة. لا مفرّ من الإقرار أنّ الطفرة العمرانيّة في دمشق تعود إلى فجر الإمبراطوريّة الرومانيّة وهناك أمثلة مشابهة في مدينة الشمس (بعلبك) وتدمر.   


تبقى دمشق الرومانيّة مع ذلك "مدينةً لا تاريخ لها" ويبقى دورها الإداريُّ غائباً أو مجهولاً في وقتٍ تربّعت فيه صور على عرش عاصمة الإقليم. هل يعني ذلك أنّ المشروع العمراني الضخم في دمشق فقد الغاية المتوخّاة منه وأنّ الجهود والوقت والأموال المستثمرة ذهبت هباءً منثورا؟ 


بدأت دمشق الرومانيّة على التخوم الشرقيّة للإمبراطوريّة بيد أنّ حدود هذه الأخيرة توسّعت مع حلول العام ١٠٦ للميلاد لتضم مملكة الأنباط وتشكّل المقاطعة province العربيّة Arabie. أضف إلى ذلك تطوّر تجارة القوافل نحو تدمر من جهة، والطرق المؤدّية من الهند إلى الشرق الأدنى ومصر من جهةٍ ثانية. لا ريب أنّ دمشق كانت مدينةً عظيمةً بيد أنّها لم ترقَ إلى الصفّ الأوّل. 


دمشق الشام مدينةٌ اعتدّت بغناها وسحرها وهويّتها على مرّ القرون، نُسِبَ إلى الإمبراطور Julien المرتدّ وصفُها "ببؤبؤ عين المشرق" (*)  أمّا عن صيرورتها عاصمةً، ليس فقط لسوريّا وإنّما أيضاً لإمبراطوريّةٍ مترامية الأطراف، فيتعيّن الانتظار إلى العهد الأموي. 




(*) ورد هذا الزعم الذي لا أساس له من الصحّة في رسالة تعود إلى العام ٣٩٢ للميلاد. لا دليل أنّ الإمبراطور المذكور زار دمشق.













Ernest WillDamas antique 

No comments:

Post a Comment