أوابد دمشق الهلنستيّة

الأسطر التالية مقتبسة عن Will (الخريطة عن Weber ومسقط المسرح عن Mortensen).

تحوّلت دمشق إلى عاصمة لفترةٍ قصيرة في نهايات العهد الهلنستي كما رأينا ومن المعقول أنّ آخر ملوك السلوقييّن أرادوا تزيينها بعمائرٍ تليق بمكانتها الجديدة بيد أنّ الأحداث تسارعت ودالت دولتهم قبل أن يتمكّنوا من تحقيق الشيء الكثير. 

تخبرنا المصادر التاريخيّة المتوافرة عن ثلاث أوابد من ذلك العهد ينتمي أوّلها (مضمار الخيل) إلى العهد الهلنستي أمّا الثاني والثالث (المسرح والجمناز) فإلى سَلَفِهِ الروماني وإن تَبِعا النماذج اليونانيّة وحملا الأثر اليوناني. 

- مضمار الخيل

ذكر فلاڤيوس يوسيفوس مضمار الخيل hippodrome في سياق أحداث العام  ٨٧ - ٨٦ قبل الميلاد أمّا عن موقعه فكان - حسب Wulzinger و Watzinger - خارج سور المدينة إلى الشمال من نهر بردى على موقع مقبرة الدحداح حاليّاً على وجه التقريب. 

- المسرح

أهدى هيرودس العظيم دمشق مسرحاً وجمنازاً (الآبدة الثالثة أدناه). المصدر أيضاً يوسيفوس والزمن عهد أغسطس قيصر في أوخر القرن الأوّل قبل الميلاد. رأى Wulzinger و Watzinger ومن بعدهما Sauvaget أنّ المسرح تواجد داخل السور غرب المدينة على الطرف الجنوبي للشارع المستقيم وعلّق Will (عام ١٩٩٤) أنّ أثراً لم يبق من هذا المسرح أوّلاً، وأنّ آراء العلماء الثلاثة المذكورين اعتباطيّةٌ ثانياً، وأنّ المكان الأمثل لهذا المسرح المزعوم كان في الحيّ الهلنستي (أي شمال شرق المدينة) ثالثاً. أثبت التنقيب لاحقاً صواب الألمانييّن و Sauvaget ونعرف اليوم أنّ المسرح أو بالأحرى ما تبقّى منه يقبع تحت بيت العقّاد (المعهد الدنماركي) وبيت حورانيّة.      

- الجمناز

هديّة هيرودس الثانية. الجمناز عنوان المدينة اليونانيّة polis وطابعها المميّز. روى يوسيفوس كيف جُمِع عشرة آلاف وخمسمائة يهودي (يرتفع الرقم إلى ثمانية عشر ألفاً في مكانٍ آخر) في الجمناز إثر تمرّد العام ٦٦ للميلاد وأبيدوا عن بكرةِ أبيهم. لربّما بالغ المؤرّخ بالعدد الذي ينمّ عن اتّساع مُعْتَبَر للآبدة قيد الحديث ممّا يطرح تساؤلات عن المكان المُحتَمَل لها. علّ هذا الموقع كان شرق المدينة حيث اقترح Wulzinger و Watzinger تواجد معبد للزهرة (بالفعل أطلق الكتبي على باب توما اسم باب الزهرة) كملحق من جهة الشرق لهيكل المشتري. بالمقابل رجّح Sauvaget وجود الرحبة agora التي لا غنى عنها لمدينةٍ يونانيّة في ذلك المكان وممّا يعزّز هذه الفرضيّة أنّ أبعاد الرحبة قُدِّرَت بحوالي ١٨٠ متر x ٢٣٠ متر وبالتالي فليس احتوائها على جمناز أو التصاقها به بالمستحيل. هناك إذاً ثلاثة احتمالات لهذا الموقع: معبد الزهرة، الرحبة (مع أو دون جمناز)، أو الجمناز فقط. 

الخلاصة المسرح هو الوحيد بين الأوابد "الهلنسيّة" الثلاث الذي نملك عليه أدلّةَ ماديّةً لا تقبل الدحض.

Ernest Will. Damas antique 

Ross Burns. Damascus, a History. Routledge 2005

Peder Mortensen. The Roman theatre at Bayt al-ʿAqqad. Annales archéologiques arabes syriennes 73-76. LI-LII 2008-2009.