Wednesday, April 3, 2024

قصر دمشق الملكي من حزائيل إلى معاوية


حاول Will في الصفحات ١٢ - ٢٠ من مقاله المنشور عام ١٩٩٤ رسم الخطوط العريضة للمدينة الآراميّة وأحاول بدوري في الأسطر التالية نقل أفكاره وجعلها أقرب إلى متناول القرّاء من غير الأخصّائييّن مستعيناً بجزء من خريطة Elisséeff الطبوغرافيّة لدمشق النوريّة وهي أغنى بكثير في التفاصيل من مخطّط صلاح الدين المنجّد والمجمع العلمي العربي. تعتمد الخريطتان على "تاريخ مدينة دمشق" للحافظ ابن عساكر.  


لربّما كان من الأسهل العودة إلى الوراء من الأحدث إلى الأقدم. 


- لدينا فكرة لا بأس بها عن موقع الخضراء، قصر معاوية. يفترض أنّ هذا القصر اتّصل مباشرةً مع الجامع (الذي أعاد الوليد بنائه لاحقاً) من جهة الجنوب وأنّه تواجد بين سوريّ هيكل المشتري: الخارجي الكبير وجدار الحرم داخله. 

- هناك من يرى أنّ سوقاً كبيراً أو أسواقاً احتلّت الفضاء بين  سوريّ الهيكل الوثني. رفض Will هذا الطرح ورأى بالأحرى أنّه شهد تجمّع حشود زوّار العبد والحجّاج إليه مع احتمال استعماله للاحتفالات الدينيّة والمعارض الموسميّة التي قد يجري خلالها تبادلٌ تجاريٌّ. زحفت المباني على هذا الفضاء بين السورين في العهد البيزنطي نظراً لزوال الحاجة إليه فيما يتعلّق بالممارسات الدينيّة وطقوس العبادة المسيحيّة. الموقع بين سوريّ الهيكل مناسب لقصر الحاكم البيزنطي ويوفّر له إذا اقتضى الأمر الحماية من سكّان المدينة ممّن يشكّ بولائهم لبيزنطة. ليس هناك ما يمنع من استحواذ معاوية عليه بعد الفتح الإسلامي وبناء الخضراء مكانه أو انطلاقاً منه.

- قصر حزائيل وبني هدد ملوك آرام أكثر إشكاليّةً بالطبع. ذكرت الروايات البريص ونوّه Sauvaget بنصّ للبلاذري في فتوح البلدان تكلّم عن "بريص" في موقع يدعى المقسلاط. هذه التسمية موجودة في أكثر من مكان في النصوص التاريخيّة ومنها ابن عساكر الذي استند Elisséeff  إلى وصفه ليحدّد المقسلاط بحذاء الشارع المستفيم وإلى الشمال من هذا الشارع بين تقاطع درب الحبّالين مع درب الريحان غرباً ودرب بنو نصر - حيث تواجد مسجد الحبّالين رقم ٣١ على الخريطة الملحقة - شرقاً. بعبارة ثانية القصر الآرامي كان خارج المنطقة التي حدّدها سور هيكل المشري الخارجي لاحقاً وإلى الجنوب منها. 


اقترح Sauvaget تواجد القصر إلى الجنوب من الشارع المستقيم في تلّ السمّاكة أو النجّارين في المكان الذي حدّده Wulzinger و Watzinger للمسرح الروماني (١). لا سبيل إلى الجزم في هذا الموضوع. 


لدينا أيضاً معضلة اشتقاق اسم "البريص" baris. هذا المصطلح مذكور في الترجمة السبعينيّة اليونانيّة لكتاب العهد القديم ولدى المؤرّخ يوسيفوس حيث نعثر على الكلمة العبريّة birah أو الآراميّة birta. لا تعني هذه الكلمة قلعة وإنّما بالأحرى منزلاً كبيراً محصّناً أو château بمفهموم القرون الوسطى. المشكلة في هذا التحليل أنّه يخوّلنا إرجاع لفظ البريص إلى العهد الهلنستي على أقدم تقدير وليس إلى سلفه الآرامي. إذاً من الممكن أن يكون البريص قصر Démétrios الثالث السلوقي الذي سبق الكلام عنه أو خلفائه المباشرين. بالطبع لا يمنع هذا من كونه استمراراً بشكلٍ أو بآخر لقصر حزائيل المفترض. 


يمكن افتراض وجود استمراريّة من البريص إلى الخضراء مروراً بالقصر البيزنطي على نفس المحور جنوب هيكل المدينة وهناك أمثلة خارج دمشق للعلاقة بين القصر والمعبد وكقاعدة عامّة الأبنية الدينيّة أكثر ديمومةً من دور الحكّام ولنا في دمشق دليل دامغ عليها. 


وصل Will إلى نتيجةٍ مفادها أنّ المدينة الآراميّة حرماً وقصراً كانت إلى الشمال من الشارع المستقيم.  






(١) كتب Will قبل اكتشاف المسرح.












Ernest WillDamas antique 

No comments:

Post a Comment