أرجع الدكتور عبد الله مناز دمشق إلى الألف السادس قبل الميلاد. ليس استقرار جماعة أو جماعات بشريّة في الموقع في العصر الحجري الحديث بالأمر المستحيل بيد أنّنا لا نملك دليلاً على ذلك. غاية ما نستطيع توكيده أنّ استيطان منطقة دمشق قديم بدلالة التلال الاصطناعيّة المبثوثة خلالها وعلّ أقدمها تلّ أسود (بين "بحيرتيّ" العتيبة والهيجانة) وتلّ الرماد وتلّ الغريفة (خريطة الدكتور Pitard والنصّ الموافق صفحة ١٨ - ٢٤).
نصل بمتابعة رحلتنا عبر الزمن إلى العصر النحاسي وبواكير العصر البرونزي وتلّ الحزّامي الذي خضع لتنقيب عاجل استغرق عشرة أيّام عام ١٩٦٧ ليحتلّ محلّه بالنتيجة مطار دمشق الدولي الحالي (Pitard ص ٢٥: ورد في نفس المصدر ذكر دمشق في لوحات من إيبلا - تلّ مرديخ - تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد نقلاً عن Pettinato كانت لا تزال في انتظار النشر عندما رأى كتاب Pitard النور عام ١٩٨٧).
أخيراً ذكر Pitard (ص ٣٧) تلّ الصالحيّة (أو تلّ فرزات) شمال بردى على بعد خمسة عشر كيلومتراً إلى الشرق من دمشق وأنّ هذا التلّ كان - مع دمشق - أكبر مدن الإقليم قبل العهد الروماني.
الخلاصة معلوماتنا عن دمشق قبل العهد الآرامي والألف الأوّل قبل الميلاد ضئيلة إلى أبعد الحدود وهناك أكثر من منافس جدّي لها على شرف "أقدم مدينة في العالم" (حلب مثلاً). قد يحاجج البعض أنّها "أقدم عاصمة مأهولة باستمرار" والردّ هنا بسيط: لا ريب أنّ دمشق مأهولة باستمرار على مدى الثلاثة آلاف سنة الماضية بيد أنّني أشكّ أنّها الوحيدة في هذا المضمار. أمّا عن كونها عاصمة فقد اقتصر هذا على فتراتٍ محدودة من عمرها المديد.
Abdallah Manaz. Suriye'nin baskenti Sam'da Türk dönemi eserleri. Kültür Bakanligi, Ankara, 1992.
Wayne T. Pitard. Ancient Damascus: A Historical Study of the Syrian City-State from Earliest Times until Its Fall to the Assyrians in 732 B.C.E. Eisenbrauns 1987.
No comments:
Post a Comment