ابن حلب وأبو دمشق وأطلقت التسمية الأخيرة عليه من قبل البعض تقديراً لجهوده قي توثيق أوابد العاصمة السوريّة على مدى عشرات السنوات. في كلّ الأحوال عاش العالم الراحل في الشام معظم حياته أمّا عن نتاجه العلمي الغزير فقد بدأ في خمسينات القرن العشرين وله عدّة مقالات من هذه الفترة وما تلاها نشرتها مجلّة الحوليّات الأثريّة السوريّة وغيرها من الدوريّات أضف إلى ذلك العديد من الكتب عن دمشق بالذات بداية من عام ١٩٦٩ وكتاب "مدينة دمشق تراثها ومعالمها التاريخيّة" ومن ثمّ كتب مستقلّة عن قلعة دمشق والجامع الأموي. بالنتيجة اختار الدكتور ريجاوي التخصّص في العمارة الإسلاميّة ومؤلّفاته عنها كثيرة ومرجعيّة.
أوكلت المديريّة العامّة للآثار والمتاحف في سوريا لعبد القادر الريحاوي مهمّة كبير المفتّشين وتعريف العالم بمعالم البلاد كقلعة الحصن (له عنها كتيّب متوافر بالإنجليزيّة والفرنسيّة) وجامع بني أميّة الكبير في دمشق (الكتيّب موضوع اليوم) وغيرها. من البدهي أنّ تغطية آثار على هذا القدر من العراقة والضخامة يتطلّب مجلّدات والتحدّي هنا يكمن في تعريف الهواة والسيّاح بهذه الآثار بلغة سلسة في متناول الجميع وبأقلّ حيّز ممكن وبثمن معقول وهذا تماماً ما فعله المؤلّف في كتيّب "الجامع الأموي في دمشق" الصادر عام ١٩٦٨ بالفرنسيّة بسعر ليرتين سوريّتين فقط لا غير.
يمكن قراءة الصفحات العشرين من القطع الصغير ومعاينة صور هذا المنشور في سويعة يغطّي فيها الكاتب تاريخ الجامع وما سبقه من المعابد منذ العهد الآرامي حتّى اليوم ومن الجدير بالذكر أنّ الدكتور ريحاوي قام عام ١٩٦٥ بإجراء حفريّات في صحن الجامع عثر فيها على بقايا tessons فخاريّة (؟!) تعود للألف الثالث قبل الميلاد وقطعة من عمود بقطر ١٨٠ عشير المتر (سنتمتر) تعود إلى عهد سابق للهيكل الروماني.
المعبد الروماني معبدان: داخلي وخارجي. بلغت أبعاد هذا الأخير ٣٨٠ x ٣١٠ متراً أمّا الجامع الأموي فهو يوافق المعبد الداخلي بأبعاد ١٥٧ x ٩٧ من الأمتار والخارطة الملحقة (عن Creswell) تعطي فكرة عن توزيع الجامع الذي بلغ طول حرم الصلاة فيه ١٣٦ متراً.
بعد لمحة سريعة عن تاريخ الجامع بما فيها الكوراث التي أصابته نهاية بحريق ١٨٩٣ المدمّر ينتقل الكاتب لتقديم قاعة الصلاة والمآذن والصحن بقبابه وزينة الجامع بما فيها الفسيفساء الرائعة ومحيطه. يتطلّب اخنزال كمّ هائل من المعلومات في أسطر قليلة بفرنسيّة سليمة كمّاً لا بأس به من الجهد وحسن الاختيار ومن مزايا سرد مقتضب من هذا النوع إمكانيّة قرائته ومراجعته عدّة مرّات في اليوم الواحد للهواة المهتمّين.
لدينا اليوم عدّة كتب مفصّلة وممتازة عن الجامع الأموي (المراجع أدناه) وعلى سبيل المثال دراسة الدكتور طلال عقيلي (متوافرة بالعربيّة والإنجليزيّة) وكتاب الفرنسي Gérard Degeorge وبحث الدكتور Finbarr Barry Flood بالإنجليزيّة (للأكاديمييّن بالدرجة الأولى) وإسهام الدكتور عفيف بهنسي (محاولة لإيجاد حلّ وسط بين الإيجاز والإسهاب) بالعربيّة والفرنسيّة) وغيرها لمن يرغب بالتوسّع ويمتلك الوقت الكافي والرغبة في قراءة آلاف الصفحات أمّا زائر دمشق الفرانكوفوني في عجلة من أمره فبإمكانه الرجوع لكتاب صغير من تأليف عاشق دمشق عبد القادر ريحاوي قبل تصف قرن ونيّف.
طلال العقيلي. الجامع الأموي في دمشق (٢٠١٥).
Afif Bahnassi. La Grande Mosquée des Omeyyad à Damas. Tlas 1990.
Finbarr Barry Flood. The Great Mosque of Damascus: Studies in the Makings of an Umayyad Visual Culture. Brill 2001.
Gérard Degeorge. La Grande Mosquée des Omeyyades à Damas (2010).
No comments:
Post a Comment