Wednesday, August 14, 2019

أحمد جمال باشا


أهرق الكثير من الحبر على سجلّ جمال باشا السياسي والعسكري وليست الأسطر التالية في صدد الإضافة إلى ما كتب في هذا الخصوص. موضوع اليوم ليس جمال باشا الملقّب بالسفّاح وإنّما جمال باشا راعي التراث والفنّ والآثار. ذكرت في موضع آخر آثاره في دمشق وأشهرها الشارع العريض المسمّى اليوم بشارع النصر ولكن من العدل أن يقال أنّ اهتمامه لم يقتصر على دمشق بدلالة مجلّد ضخم صدر تحت اسمه عام ١٩١٨ يحتوي على مائة لوحة من الصور التاريخيّة الرائعة لكثير من المعالم السوريّة في حلب وحماة وبعلبك و القدس الشريف ودمشق وعمّان وبصرى علاوة على قلعة الحصن وأطلال بترا وتدمر وبعلبك وجرش وقلعة سمعان وغيرها. 

الكتاب يحمل اسم جمال باشا الذي أمّا عن النصّ والصور فالفضل فيها يرجع لعالم الآثار الألماني Theodor Wiegand وفريقه ومن نقل عنهم. هناك شروحات مختصرة لجميع اللوحات-الصور باللغتين التركيّة (بالأحرف العربيّة طبعاً قبل "إصلاحات أتاتورك" التي أجريت في محاولة محزنة لإلحاق تركيّا بأوروبا عن طريق التنكّر لتراثها الشرقي) والألمانيّة. اضطررت نظراً لجهلي بهاتين اللغتين إلى الترجمة إلى العربيّة عن ترجمة Google الإنكليزيّة للألمانيّة وبالتالي فلا بدّ من أخطاء في النصّ وأترك الحكم على مداها وأهمّيتها للقارىء.  



فيما يلي ترجمة بتصرّف عن مقدّمة الكتاب بقلم أحمد جمال باشا (سيتمّ نشر الصور المتعلّقة بدمشق فقط في الأيّام القليلة المقبلة): 

سنحت لي الفرصة كقائد للجيش الرابع الذي يغطّي الأراضي الواقعة بين جبال طوروس إلى صحراء الحجاز أن أدرس احتياجات هذا الجزء القيّم من وطني وأن أتّخذ العديد من القرارات الإداريّة التي شملت الاهتمام بمعالم الفنّ القديم ومنع إقامة الأبنية الحديثة المؤذيّة في جوار الأبنية العتيقة وكشف الأنقاض والحيلولة بين استعمال الناس لحجارتها كمواد بناء والسهر على تأمين الطرقات إليها وأماكن لمبيت الزوّار من المحلييّن والأجانب وجمع ما تواجد من مخلّفاتها في المناطق العسكريّة.  استعنت في تنفيذ هذا البرنامج بالدكتور Theodor Wiegand مدير متاحف برلين الملكيّة الذي اتّخذ قيادتي مقرّاً له واستعان بعدد من الخبراء وقام بمباشرة العمل على التوّ. قام الدكتور Wiegand برحلات استطلاعيّة أعطاني تقريراً شاملاً عنها قمت بناءً عليه بإصدار تعليماتي للسلطات العسكريّة والمدنيّة باتّخاذ الإجراءات الضروريّة لحماية الآثار وإدارتها وخضعت دمشق وحلب وتدمر وبعلبك وبترا (وادي موسى) إلى رقابة بالغة الدقّة. تواجه زائر المناطق البعيدة صعوبات جمّة ناجمة عن بعد الشقّة وغياب الطرقات ووسائل المواصلات وبالتالي من الضروري بناء نزل (خانات) وشقّ طرق يمكن الاعتماد عليها وتأمين وسائل النقل ويجب تنفيذ هذا البرامج خطوة خطوة. 

جمع الدكتور Wiegand خلال أعماله كميّة كبيرة من الصور وخوّلته بأن يقوم بإعادة إنتاج مجموعة منها في برلين لنشرها في هذا السفر مع وصف موجز موجّه لغير المحترفين وآمل أن يحوز هذا الأنجاز على إعجاب القارىْ. ليس هذا العمل مماثلاً للدلائل العاديّة إذ لم تنشر في وطني حتّى اليوم استعراضات مشابهة لأكثر الآثار أهميّة وياحبّذا أن يشكّل حافزاً للرحّالة الأجانب بما بيرزه من جمال أرضنا وعساه يعرّف جميع الوطنييّن العثمانييّن ببعضٍ من أكثر كنوز بلادنا القديمة مجداً. 

خناماً أحبّ نيابةًّ عن الجمهور أن أتوجّه بالشكر للدكتور Wiegand وفريقه على الخدمات الجلّى التي قدّموها وأريد أيضاً أن أشكر السلطات المدنيّة والعسكريّة في سوريا وفلسطين على مساعدتهم لي في تنفيذ المشروع على أكمل وجه. أملي أن يشمل تنظيم حماية التراث في سوريا وفلسطين سائر أراضي آبائنا العثمانييّن وأن يوجّه كل وطني عثماني للأعمال الفنيّة للحضارات الدارسة الاحترام الواجب بغضّ النظر عن أي اعتبارات ثانية.

كتبه أحمد حمال

قائد الجيش السوري الوستفالي ووزير البحريّة

تشرين أوّل ١٣٣٣ (١٩١٥ للميلاد)

No comments:

Post a Comment