التقطت الصورة الملحقة للقاعة الشماليّة في بيت خزنة كاتبي-نظام بعدسة Bonfils في أواخر القرن التاسع عشر. تعرّضت لتاريخ هذا القصر المنيف (عن Weber) في مكان آخر وهناك مقال كامل عنه بطول ٥٩ صفحة في مجلّة الدراسات الشرقيّة عام ١٩٨٥-١٩٨٦ بالفرنسيّة (الرابط أدناه). أكتفي اليوم بالتعريف بالباروكوكو (الباروك - الروكوكو) العثماني في دمشق الذي يشكّل بيت نظام نموذجاً له.
يتميّز الفنّ الباروكي Baroque بالفخامة والضخامة والمرايا الكبيرة الثقيلة واستعمال الألوان الذهبيّة واللوحات الجداريّة frescoes والتناظر والقباب العاليّة المثيرة للخشوع وخطوط الأثاث المنحنيّة والزخارف الغتيّة إلى درجة الابتذال.
الروكوكو Rococo لاحق للباروك ومشتقّ منه ولكنّه ألطف وأكثر رشاقة وأقلّ تناظراً. الروكوكو أقلّ رسميّةً من الباروك وأقرب إلى ذوق أرستقراطيّ خفّت فيه النزعة الدينيّة وزاد استعمال اللون الأبيض على حساب المذهّب. بناءً عليه يمكن إذا جازت المقارنة أن نعتبر الباروك ذكراً والروكوكو أنثى.
مع ذلك ليس من السهل دوماً التفريق بين هذين الطرازين (ما لم نحدّق في نموذجين من أقصى نهايتيّ الطيف جنباً إلى جنب) فما الثاني إلّا استمرار للأوّل ومن هنا تعبير "الباروكوكو" الذي يستعمله البعض.
الأصل أوروبي بالطبع وهناك أمثلة كثيرة عن هذا الفنّ في فرنسا خصوصاً أمّا عن الإمبراطوريّة العثمانيّة فالأسبقيّة في اقتباسه كانت في القسطنطينيّة بداية من عام ١٧٤٠ على وجه التقريب.
انتقل الباروك العثماني إلى دمشق اعتباراً من سبعينات القرن الثامن عشر وأصبح تأثيره واضحاً في البيوت الشاميّة الموسرة في عشرينات القرن التاسع عشر ليزداد شيئاً فشيئاً إلى أن أصبح الخيار الأوّل في زخرفة جدران الإيوان والقاعات مع حلول الستّينات كما ظهر في عناصر النحت المعقّدة ومجسّمات الستائر والأعمدة والآنية والأزهار أضف إليها الأسقف القماشيّة ذات النماذج الملوّنة (التي أزاحت أسقف العجمي عن عرشها) والرسوم الجداريّة التي احتلّت الأجزاء العلويّة من الجدران.
تعود كثير من هذه اللوحات الجداريّة إلى ستّينات وسبعينات القرن التاسع عشر بيد أنّنا لا نملك تأريخاً دقيقاً لها على عكس الحال في غرف العجمي الحاوية عموماً على نقوش كتابيّة تحدّد العام الذي أنجز به العمل على أقلّ تقدير.
تمثّل الصورة أعلاه الباروكوكو العثماني-الدمشقي في أوج عنفوانه إذ تشغل الزخرفة الباذخة كل شبر وكل زاوية من باب الغرفة لمحرابها ومن سقفها إلى سافلها.
Stefan Weber. Ottoman Modernity and Urban Transformation 1808-1918. Proceedings of the Danish Institute in Damascus V 2009.
Elizabeth Macaulay-Lewis. Bayt Farhi and the Sphardic Palaces of Ottoman Damascus. American School of Oriental Research, 2018.
Anne Rouanet & Denis Piponnier. Maison Nizam à Damas
No comments:
Post a Comment