زار الطبيب وعالم الحيوان والنبات والمستشرق Louis Lortet بلاد الشام بين ١٨٧٥ و ١٨٨٠ وترك لنا كتاباً مصوّراً في غاية الجمال عنها بعنوان "سوريّا اليوم" صدر عام ١٨٨٤. الصورة الملحقة لصحن جوّاني قصر العظم في أربعينات القرن العشرين أمّا النصّ فتعريب عن الدكتور Lortet:
كثير من قصور المدينة البديعة من الداخل أشبه ما تكون بأكواخ حقيرة من الخارج. يملك اليهود اليوم كافّة هذه الدور الرائعة تقريباً وإن لا زال بعضها سكناً لعائلات نبيلة نصف مفلسة بعد أن جرّدتها الحكومة التركيّة من إقطاعاتها وعجزت بالتالي عن المحافظة على البذخ الذي اعتاد عليه أسلافها.
يملك حفيد باشا قديم في دمشق أحد أجمل هذه الدور. مدخل هذه الدار الجديرة بالأمراء متواضع ينعطف على نفسه عدّة مرّات كي يسهل الدفاع عنه من جهة وليحجب الداخل عن نظرات عابريّ السبيل من جهة ثانية. يؤدّي هذا المدخل إلى صحن مزروع بنباتات الورد التي تنوء تحت أزهارها مع الغار وشجر البرتقال. تنجبس المياه الرائقة الغزيرة من فسقيّات من الرخام الأبيض مرصّعة بالجصّ الملّون. تتوزّع كثير من الآنية الحاوية على القرنفل الذي يعشق السوريّون أزهاره حول الأدراج والنوافير بينما تلتقط طيور الحمام والحجل قوتها من الأرض بمناقيرها.
تحيط بالصحن وتنفتح عليه قاعات واسعة عن طريق السلاملك (*) وهذا الأخير كناية عن دهليز لاستقبال الغرباء. تفصل بضع درجات من الرخام الأبيض بين القاعة والصحن. هذه القاعات بالغة الارتفاع وغنيّة بالزخارف إلى درجة يعجز عنها الوصف: أسقف مؤطّرة من خشب الجوز زخرفت بألف طريقة وطريقة بعروق الذهب والفضّة والألوان الحمراء والخضراء التي تتشابك لتشكّل نماذجاً شرقيّةً مرهفة ومتنوّعة. توفّر نوافذ زجاجيّة مبنيّة في إطار مرمريّ إنارة الداخل. تتواجد هذه النوافذ في أعلى الجدران المشيّدة من الرخام الأبلق المطعّم بأشكال متشابكة محفورة في الحجر ومحشوّة بالجصّ الملّون. البلاط فخم إلى أقصى الدرجات يجتمع فيه الرخام مع الأحجار النادرة. السلاملك هو القسم الأمامي من القاعة (**) التي تعلوه بدرجة أو درجتين وقد يفصله عنها درابزين أنيق مخرّم الشكل.
(*) العتبة.
(**) الطزر.
Louis Lortet. La Syrie d'aujourd'hui
Elizabeth Macaulay-Lewis. Bayt Farhi and the Sphardic Palaces of Ottoman Damascus. American School of Oriental Research, 2018.
No comments:
Post a Comment