Tuesday, October 29, 2019

جامع التوريزي


يعرف أيضاً باسم جامع التيروزي والصواب التوريزي أو التبريزي نسبة للأمير غرس الدين خليل التوريزي (أي من مدينة تبريز) كبير الحجّاب الذي بنى اعتباراً من عام ١٤١٥ للميلاد جامعاً وتربةً وحمّاماً في حيّ السويقة خارج سوق المدينة إلى الجنوب والغرب. أنجزت التربة قبل الجامع ودفن فيها الأمير المملوكي المذكور عام ١٤٢٣.

الصورة إعلاه عن Degeorge تعود لمنتصف تسعينات القرن الماضي بينما التقطت كافّة الصور المتبقيّة (مطلع الثمانينات أو قبل) بعدسة مروان مسلماني.



يطهر المخطّط الملحق عن Wulzinger و Watzinger توزيع عناصر الجامع الذي يشترك مع النماذج التقليديّة على غرار الأموي بموقع المئذنة في الجهة الشماليّة المقابلة لواجهة الجامع الأبلقيّة ويختلف عن هذه النماذج في أكثر من ناحية ممّا يعطيه طابعاً متميّزاً فهنا نجد المئذنة منفصلة عن الجامع بينهما شارع وأيضاً -وللمرّة الأولى في جامع كبير في دمشق- يتخلّى المصمّم عن نموذج الصحن المحاط بالأروقة ويتبنّى الأنماط القاهريّة  أي حرم صلاة مسقوف ومكوّن من ثلاثة ممرّات (أو بلاطات aisles متوازية في الجدار القبلي. ينقسم الحرم إلى البلاطات الآنفة الذكر بفضل أربعة دعامات يلتصق بزواياها أعمدة جداريّة تزيينيّة وكما نرى البلاطة الشماليّة هي الأطول.

تشبه المئذنة المربّعة المتعدّدة الطوابق نظيرتيها في جامعيّ الأقصاب والبزوري وتتبع الطرز الشاميّة عموماً. يتنهي جذع المئذنة الرئيس بجذعين منثمّنين صغيرين تعتمرهما قلنسوة.



يؤدّي مدخل التربة من الحرم إلى ضريح الأمير وإلى جواره ضريح آخر تسائل العالمان الألمانيّان ما إذا كان "قبر عاتكة" ولكن هذا بعيد الاحتمال. ترتكز القبّة على مقرنصات ورقبتين تتألّف كلّ منهما من اثني عشر وجهاً أو ضلعاً وتخترق الرقبة العلويّة اثنتا عشرة نافذة وتشبه هذه القبّة إلى حدّ كبير قبّة الخانفاه اليونسيّة الأقدم منها بنحو أربعين عاماً.



يحيط بتجويف المحراب عمودان جانبيّان والمنبر أصلي تعلوه قبّة صغيرة.

احتفظ الجامع والتربة بكسوتهما من القاشاني الأصلي الذي لا يقدّر بثمن من الناحية التاريخيّة والفنيّة بالكامل تقريباً وهي مكوّنة من أشكال مسدّسة تغطّي جدران غرفة الضريح حتّى ثلاثة أمتار من مستوى الأرض وجدران الحرم القبليّة والشرقيّة إلى ارتفاع متر ونصف المتر.



تتميّز هذه الكسوة الشديدة الغنى بالعفويّة والارتجال في التنفيذ وتوحي بعناصرها النباتيّة المتنوّعة بتأثير صيني ويعتقد أنّها من إبداع الخزّاف غيبي التوريزي (التبريزي) . في هذا دلالة على تماثل ورشات الحرفييّن في دمشق للبرء والعافية في أعقاب الدمار الذي لحق بالحاضرة الشاميّة على أيدي تيمورلنك وأجلاف التتار.


تتناوب الألوان في القاشاني من أزرق وأخضر ورمادي وهناك تباين واضح في العناصر الزخرفيّة حيث تتخلّل الأشكال المسدّسة والمثلّثة أزهار ووريقات وطيور تنتمي إلى عالم أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع ويحتاج المرء للتمعّن في التفاصيل لساعات حتّى يتشرّب جمالها ومعانيها. لا تعطي صور الأبيض والأسود فكرة كافية عن هذه الزخرفة البديعة ولكنّ فضّلت إدراجها كوثائق تاريخيّة وبمكن للمهتمّ استشارة المراجع المختصّة أو زيارة الجامع إذا كان من قاطنيّ دمشق أو زائريها.




 الآثار الإسلاميّة في مدينة دمشق
  




Ross Burns. Damascus, a History. Routledge 2005. 

Gérard DegeorgeDamas: Des origines aux Mamluks. L'Harmattan 1997.

Karl Wulzinger & Carl Watzinger. Damaskus, die Islamische Stadt. Walter de Gruyter 1924.


No comments:

Post a Comment