Thursday, October 31, 2019

تكيّة السلطان سليمان


تعتبر التكيّة السليمانيّة أوّل المشاريع العمرانيّة العثمانيّة الكبرى في دمشق التي تبنّت طرز القسطنطينيّة بتقبيبها ومئذنتيها وإن راعى منفّذوها النماذج المحليّة في الأبلق والصحن الفسيح وزينة الأروقة. أمر سليمان القانوني بابنه مصطفى -بعد استصدار فتوى من شيخ الإسلام-  فخنق (بالطبع لا يفوت المستشرقين الألمانييّن Wulzinger و Watzinger التذكير بالمأساة) وبدأ العمل في التكيّة عام ١٥٥٤ بعد بضعة أشهر من هذه الحادثة لتنجز عام ١٥٦٠ (بينما أنجزت المدرسة الواقعة شرق التكيّة والتي تحمل نفس الاسم عام ١٥٦٦ أي سنة وفاة السلطان). 

بنيت التكيّة على الموقع الذي احتلّه قبلها قصر بيبرس الأبلق الذي أعيد استعمال حجارته فيها وكان الهدف منها استضافة الدراويش والصوفيّة وحجّاج مكّة وأوقف عليها ريع أربعين قرية. نفّذها معماريّ إيرانيّ الأصل استناداً إلى تصميم كبير معماريّي الإمبراطوريّة وقتها سنان باشا ابن عبد المنّان ١٤٩٠-١٥٨٨. 

يقع الجامع على طرف الصرح الجنوبي ويطلّ على نهر بانياس بينما يحاذي الضلع الشمالي نهر بردى. الصحن مستطيل الشكل تتوزّع على جانبيه الشرقي والغربي غرف أو خلايا للدراويش بينما تتواجد المطابخ والمطاعم والمخازن على طول الضلع الشمالي. يؤدّي رواق مزدوج مستند على أعمدة من الجرانيت إلى حرم الصلاة: الرواق الخارجي مظلّل بينما تعتمر ثلاثة قباب الرواق الداخلي. المئذنتان طويلتان ونحيلتان على غرار المآذن العثمانيّة وتزيّن المصلّى ألواح من القاشاني.


تغطّي قبيبات غرف الدراويش على امتداد الضلعين الشرقي والغربي ولها مداخن للتهوية ويسبق هذه الحجرات رواق يستند على أقواس و.تغطّيه قبيبات أصغر حجماً.

تبلغ أبعاد التكيّة  ٨٦ متر x ١٢٧ متر وتقع بوّابتها الرئيستان في الشرق والغرب وهناك بوّابة ثانويّة تتقدّمها قبّة محمولة على أعمدة في الشمال. يتوسّط الصحن حوض مائيّ مستطيل الشكل مكسو بالأحجار المزيّة وتتواجد نافورة في منتصفه ويذكّر هذا التنظيم بفنون الحدائق الإيرانيّة.   

كانت التكيّة بمثابه هديّة من القسطنطينيّة إلى دمشق وأحد أجمل الأوابد العثمانيّة وخصّها جمال باشا برعايته لترميمها والحفاظ عليها وسط العواصف التي هبّت على الشرق الأدنى والعالم خلال الحرب العظمى. 

الصورة أعلاه بعدسة مروان مسلماني تعود لمطلع ثمانينات القرن العشرين أو قبل. 



 الآثار الإسلاميّة في مدينة دمشق
  




Ross Burns. Damascus, a History. Routledge 2005. 

Gérard Degeorge. Damas : des Ottomans à nos jours. L'Harmattan (1994)

Karl Wulzinger & Carl Watzinger. Damaskus, die Islamische Stadt. Walter de Gruyter 1924.

No comments:

Post a Comment