على علمي هذا الرسم للتكيّة هو الأقدم على الإطلاق وندين به لنفس الشخص الذي زوّدنا بأقدم رسم لجامع بني أميّة الكبير ألا وهو الرحّالة الروسي بارسكي Vasilief Gregorovitch Barsky الذي زار الديار المقدّسة بين الأعوام ١٧٢٨ و ١٧٤٧. نقل هذا الرسم عنه في كتاب صدر عام ١٩٠٢ بعنوان "السكن البيزنطي" لمؤلّفه بيليه Léon Marie Eugène de Beylié (رابط الكتاب أدناه).
بالتمعّن بالرسم نرى أنّه صحيح لدرجة كبيرة فيما يتعلّق بتوزيع التكيّة بجامعها وحديقتها التي يتوسّطها حوض مائيّ وتحيط بها الأروقة المقبّبة ولكن ما يلفت النظر بالدرجة الأولى الصلبان في أعلى قبّة ومئذنتيّ الجامع تماماً كما هو الحال في رسم بارسكي للجامع الأموي وهذا يعكس انطباع الفنّان الخاطىء ولكن المتفشّي بين كثير من المستشرقين وقتها إن لم نقل معظمهم بأنّ ما فعله المسلمون لم يتعدّ تحويل الأوابد المسيحيّة إلى دور عبادة إسلاميّة. أقدّم هنا ترجمة توخّيتها أمينة للفقرات المتعلّقة في الكتاب المذكور وقد يفاجىء البعض بآراء الكاتب وتعميماته الفوقيّة وهنا لا مناص من التذكير أنّ الاستعلاء العنصري كان وقتها القاعدة وليس فقط في أوروبا والغرب.
النصّ الفرنسي الأصلي في منشور مستقلّ وأبدأ بالقول أنّ أوّل ما يسترعي الانتباه هو العنوان: "الجامع الذي بناه بيزنطيّون في القرن الثامن في عهد الخليفة الوليد". لا داعي للتعليق ولنستعرض بالأحرى ما كتبه المؤلّف دون تصحيح أو تنقيح:
نشاهد سلسلة من القبيبات تتالى على مبانٍ عربيّة موغلة في القدم نستطيع أن نعزوها إلى أيدي إغريقيّة. هذا هو الحال في الجامع الأموي الشهير والنزل hôtellerie (يقصد التكيّة) الذي شيّد في القرن السابع (!!!) بناءً على أوامر الخليفة الوليد والآيل للتداعي في يومنا.
الفضل في بناء التكيّة يعود للأقباط بينما الفضل في بناء الجامع الأموي للإغريق ونعرض هنا الرسوم التي خطّها لهما الرحّالة الروسي بارسكي الذي تنقّل عبر الشرق في النصف الأوّل للقرن الثامن عشر.
تعلوا أروقة هذين البنائين قبيبات مماثلة تماماً للتي نراها في فسيفساء ياردو Bardo. فيما يتعلّق بالمآذن من الصعب أن نحدّد إذا كانت معاصرة للبناء الأصلي أم أنّها أضيفت لاحقاً.
يخال المرء للوهلة الأولى أنّ هذه الأوابد عربيّة الطراز ولكن هذا الرأي مرفوض اليوم. كان العرب همجاً بكلّ معنى الكلمة عندما خرجوا (من شبه جزيرة العرب) خلال أوّل توسّع ديني لهم في القرن السابع ولم يكن لديهم أي نزعة فنيّة وكانوا عاجزين بالكليّة عن أي عمل كائناً ما كان باستثناء رعي قطعانهم وشنّ الحرب. اقتصر ما فعلوه على تحويل الكنائس إلى مساجد حسب احتياجاتهم أو توكيل معمارييّ البلاد التي غزوها ببناء دور عبادة جديدة على غرار النماذج العتيقة.
No comments:
Post a Comment