المكان سوق الصوف في الشاغور الجوّاني تحت الأرض التي يشغلها حاليّاً بيت العقّاد (المعهد الدانماركي) وبيت حورانيّة.
أصدر المعهد الدانماركي في دمشق مجلّداً ضخماً (٤٤٠ صفحة من القطع الكبير) عن بيت العقّاد عام ٢٠٠٥ حرّره عالم الآثار الدانماركي Peder Mortensen. غطّى هذا العمل وصف البيت قبل وبعد ملحمة الترميم وتاريخه وقصّة المسرح الروماني.
حصر نفس المؤلّف اهتمامه بالمسرح في مقال قصير (أربع صفحات) في عدد الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة للعام ٢٠٠٨-٢٠٠٩ أنقل عنه هنا بعض رؤوس الأقلام لإلقاء مزيد من الأضواء على المدينة الرومانيّة التي لم تلق ما يفيها حقّها من الاهتمام إلى اليوم.
دخل الرومان دمشق عام ٦٤ قبل الميلاد وشهدت المدينة تطوّراً عمرانيّاً هامّاً اعتباراً من ذلك التاريخ أهمّها تطوير الشارع المستقيم decumanus maximus ليصيح عرضه ٢٦ متراً وبناء معبد المشتري.
استعرض المؤرّخ يوسيفوس Flavius Josephus (٣٧-١٠٠ للميلاد) أهمّ ما بناه ملك يهوذا هيرودس الأوّل Herod the Great (٣٧-٤ قبل الميلاد) ضمن منطقة نفوذه ومنها مسرحاً وملعباً gymnasium في دمشق. إذاً هناك إشارة من مصدر تاريخي لوجود مسرح في المدينة قدّر عدد من العلماء (Wulzinger & Watzinger و Jean Sauvaget و Dorothée Sack و Jean-Marie Dentzer) دون دليل أنّه كان جنوب سوق مدحت باشا.
أصبح الشكّ يقيناً خلال ترميم بيت العقّاد عام ١٩٩٨ بعد إزالة آكام من الطلاء والجصّ تراكمت عبر العصور عندما اكتشفت بقايا جدار المسرح الروماني ضمن الجدارن الطينيّة لهذا البيت. بلغت سماكة الجدار الروماني في بعض الأماكن ٩٥-١٠٥ من عشيرات المتر وتجاوز ارتفاع بعض مكوّنات المسرح الحجريّة السبعة أمتار أمّا عن قطر المسرح فقد بلغ ٩٣ متراً ونصف المتر.
بمقارنة تقنيّة البناء مع الباب الشرقي ومعبد المشتري وتفحّص الفخّار المكتشف خلال الحفريّات والعائد للنصف الثاني من القرن الأوّل قبل الميلاد والنصف الأوّل للقرن الأوّل الميلادي -علاوة على شهادة يوسيفوس المذكورة أعلاه- نستخلص أنّ مسرح دمشق بني في نهايات القرن الأوّل قبل الميلاد قبل موت هيرودس العظيم. استمرّ نشاط هذا الصرح حتّى عام ٥٢٩ للميلاد عندما حظر الإمبراطور البيزنطي الورع Justinian المشاهد والتمثيل والطقوس فيه ويبدوا أنّه هجر بعدها ولربّما استعمل كمقلع حجارة في بناء القلعة وترميم أسوار المدينة في العهد الأيّوبي. في جميع الأحوال لا نملك معلومات عن أي نشاط عمراني ملفت للنظر في العهد الإسلامي في هذه المنطقة حتّى استباحة تيمورلنك للمدينة. بني بيت العقّاد (بالأحرى الدار التي احتلّت المكان الذي شغله بيت العقّاد بعد مئات السنين) على أنقاض القسم الشرقي للمسرح حوالي عام ١٤٧٠ وهذا حديث آخر.
المعهد الدانمركي في دمشق وقصّة بيت العقّاد
Peder Mortensen. The Roman theatre at Bayt al-’Aqqad. Annales archéologiques arabes syriennes 73-76. LI-LII 2008-2009.
No comments:
Post a Comment