ليس اغتراب السورييّن وليد القرن الحادي والعشرين والأحداث الأليمة التي يمرّ بها وطننا الأمّ اليوم. هجرة الشوام -بالمفهوم الجغرافي الذي يشمل اليوم عدّة دول- إلى مصر والأمريكتين اعتباراً من نهايات القرن التاسع عشر معروفة ولا داعي للدخول في تفاصيلها في الأسطر القليلة المقبلة. حديث اليوم عن مغتربيّ دمشق (أو من أسماهم Julien Aliquot في مقال بالفرنسيّة في الحوليّات الأثريّة العربيّة السوريّة الشتات Diaspora الدمشقي) في العهود الكلاسيكيّة (أي اليونانيّة-الرومانيّة) تحديداً .
اعتمد المؤلّف على النقوش الكتابيّة ومخطوطات البردي وما شابهها من المصادر اليونانيّة واللاتينيّة لتقصّي آثار الدمشقييّن خارج دمشق في العهدين الهلنستي والروماني مع التركيز على توزّعهم الجغرافي (حوض المتوسّط) وأسمائهم ومكانتهم ونشاطاتهم وعباداتهم. هدف الدراسة أشخاص مغمورين تاريخيّاً وإن توافرت أدلّة أكثر من كافية عليهم في المصادر. لنستعرض اليوم أحد الأمثلة.
الصورة الملحقة لنصب في متحف آثينا الكتابي يحمل أبياتاً من الشعر باليونانيّة إهداءً لأرسطو من آلكسانروس ويعود للنصف الثاني من القرن الثاني للميلاد.
تعريب النصّ هو الآتي:
نصب الأستاذ في جميع العلوم آلكساندروس Alexandros ابن نيكوماك Nicomaque هذا إهداءً لأرسطو الإلهي
كان آلكساندروس الدمشقي فيلسوفاً ضليعاً بمؤلّفات أرسطو وأفلاطون ونعرفه من خلال كتابات الطبيب الشهير جالينوس Galen (١٢٩-٢١٠ للميلاد) الذي تتلمذ على يديه. ساهم آلكساندروس في محاضرات جالينوس عن التشريح في روما بين الأعوام ١٦٢-١٦٦ وحصل عام ١٧٨ على كرسي تعليم فلسفة أرسطو في آثينا ولربّما توفّي في نفس العام أو العام الذي تلاه. لم تصلنا أيّ من أعماله مباشرة أو بصورة مؤكّدة ولربّما أخذت بعض المصادر العربيّة عنه لاحقاً.
Julien Aliquot. La diaspora damascène aux époques hellénistique et romaines. Les Annales Archéologiques Arabes Syriennes Vol. LI-LII 2008-2009.
Photo: Hermès d'Aristote portant une dédicace versifiée en grec. Musée épigraphique d’Athènes (photo d’après E. Voutyras).
No comments:
Post a Comment