نحن الآن في عصر المماليك والسلطان الظاهر برقوق أوّل سلاطين الشراكسة أو المماليك البرجيّة وليس سلفه (قبل قرن ونصف على وجه التقريب) الظاهر بيبرس المؤسّس الفعلي لإمبراطوريّة المماليك البحريّة. الكتاب قيد الحديث جزءان: الأوّل هو النصّ العربي لمخطوط "العبد الفقير" ابن صصرى كما حقّقه الدكتور الأمريكي Brinner والثاني ترجمته إلى الإنجليزيّة على يد نفس العالم. صدر الكتاب عن جامعة كاليفورنيا عام ١٩٦٣ ويتوزّع بقسميه على حوالي الستمائة صفحة وهو أصلاً أطروحة الدكتوراة للمؤلّف الذي عمل عليها بين الأعوام ١٩٥٤-١٩٥٦.
فلنبدأ بالتعرّق بسرعة على المترجم William M. Brinner (١٩٢٤-٢٠١١) ويمكن الرجوع للرابط الملحق لمزيد من التفاصيل.
ولد الدكتور برينر في كاليفورنيا وكان موهوباً باللغات إذ درس العربيّة والعبريّة ونشط في الشباب الصهيوني وأمضى سنتين في أحد الكيبوتسات في إسرائيل ودرّس كأستاذ زائر في عدد من الجامعات الأمريكيّة والإسرائيليّة إضافة لتأسيسه مركزاً للدراسات العربيّة في الجامعة الأمريكيّة في القاهرة وقيامه بإدارة هذا المركز بين الأعوام ١٩٦٦ و ١٩٧٠.
للأستاذ برينر الفضل في ترجمة الجزئين الثاني والثالث من تاريخ الطبري إلى الإنجليزيّة (الكتاب الكامل أربعون من المجلّدات نشرتها تباعاً جامعة ولاية نيويورك (أحرف SUNY اختصار State University of New York) وله كثير من المؤلّفات والأبحاث.
الجزء الأوّل لكتاب "الدرّة المضيئة" هو النصّ العربي لابن صصرى تركه الدكتور برينر كما هو -كتب بلغة أقرب ما تكون للعاميّة حتّى بالمقاييس المتخلّفة للقرن الرابع عشر للميلاد- باستثناء بعض الإيضاحات في الحواشي يعلّق بها على بحور الشعر وما إذا وجد فيها خللاً ما (من الواضح أنّ برينر ضليع بالعروض واللغة العربيّة أكثر منّي بكثير ولربّما من معظم العرب). بيت القصيد هو الجزء الثاني أو الترجمة الإنجليزيّة الشديدة الغنى بالحواشي والإيضاحات والتفسيرات.
أنجز ابن صصرى المخطوطة الأصليّة بين أيّار عام ١٣٩٧ (آخر تاريخ مذكور فيها) وحزيران ١٣٩٩ (موت برقوق) وهي بذلك تشكّل نافذة لا تقدّر بثمن على دمشق قبيل جائحة تيمورلنك.
الخطوة التالية التعرّف على ابن صصرى قدر الإمكان والتعرّض للطريق الذي سلكته المخطوطة منذ تحريرها وإلى أن حقّقها الدكتور برينر ونشرتها جامعة كاليفورنيا حتّى وصلتنا بالشكل الأنيق الذي نعرفه اليوم.
No comments:
Post a Comment