المقصود بالملعب هنا ما دعاه اليونانيّون ومن بعدهم الرومان gymnasium وهو مكان يتنافس فيه الرياضيّون العراة من الذكور ويمكن أيضاً استعماله للأغراض الاجتماعيّة والتعليم والنشاطات الفكريّة. معلوماتنا عن ملعب أو جمنازيوم دمشق ضحلة للغاية ولا تتجاوز ما كتبه المؤرّخ الروماني اليهودي يوسيفوس Flavius Josephus (٣٧-١٠٠ للميلاد) الذي يخبرنا أنّ ملك يهوذا هيرودس الأوّل أو العظيم Herod the Great (٣٧-٤ قبل الميلاد) أهدى دمشق مسرحاً و"ملعباً" أي جمنازيوم.
نعرف اليوم موقع المسرح بدقّة أكثر من كافية بفضل التنقيب الذي أجراه المعهد الدنماركي خلال ترميم بيت العقّاد أمّا مكان الملعب فمجهول تماماً. كلّ ما نستطيع قوله -نقلاً عن يوسيفوس تحديداً- أنّه يعود للنصف الثاني من القرن الأوّل قبل الميلاد وأنّه شهد مجزرة ذبح فيها عشرة آلاف يهودي من سكّان دمشق على يد أهل المدينة الوثنييّن الذين جمعوا اليهود في الجمنازيوم وأعملوا فيهم السيف. كان هذا خلال الحرب اليهوديّة-الرومانيّة الأولى (٦٦-٧٣ للميلاد) التي حسمت عندما أخذ Titus ابن الإمبراطور Vespasian القدس ودمّر الهيكل الثاني (*).
اختفى الملعب من التاريخ بعد هذه الأحداث أمّا بقايا الأوابد الرومانيّة فلا تزال متناثرة خلال المدينة في أسوارها (الصورة الأولى لطنف Corniche قديم أعيد استعماله في التحصينات قرب الباب الشرقي), وأبنيتها (الصورة الثانية لتاج عمود من الطراز الإيوني Ionic أعيد استعماله في الجامع الأموي), وشوارعها (الصورة الثالثة لعناصر عماريّة كلاسيكيّة متنوّعة اكتشفت في الشارع المستقيم خلال حفريّات أجريت عام ٢٠٠٨ واللقطة مأخوذة من الشرق إلى الغرب). الصور الثلاثة بعدسة Jean-Claude Bessac.
(*) ينسب الهيكل الأوّل في القدس (حاليّاً الحرم الشريف) إلى سليمان ودمّره نبوخذ نصّر عام ٥٨٦ ق.م. بني الهيكل الثاني في العهد الأخميني بعد عودة عدد من اليهود من السبي البابلي وجدّده هيرودس العظيم المذكور أعلاه.
Mathilde Gelin. Apercu de Damas antique, de l’époque hellénistique à l’islam (333 av. J.-C. - 635 apr.).
Les Annales Archéologiques Arabes Syriennes Vol. LI-LII 2008-2009 p 105-111.
No comments:
Post a Comment