تبقى المدن المهجورة والتلال الاصطناعيّة المكان الأمثل لإجراء الحفريات واستقراء المعطيات للتعرّف على آثار الحضارات الدارسة أمّا المدن المأهولة باستمرار لآلاف السنين كدمشق فالتنقيب فيها صعب للغاية وشبه مستحيل في بعض المواقع. للكوارث "فوائدها" من هذا المنظور إذ تقدّم لنا نافذة على الماضي بإزالة أبنية ومعالم -يعتبر هدمها من المحظورات- وبالتالي إتاحة الفرصة لسبر الأرض تحتها.
رأينا أمس كيف قام فريق من الخبراء الألمان بناءً على دعوة من المديريّة العامّة للآثار والمتاحف بسبر موقع سوق الصاغة الذي احترق عام ١٩٥٩ اعتباراً من أواخر تسعينات القرن الماضي ونهاية بالعام ٢٠٠٢. فلنحاول بسرعة التعرّض لأهمّ ما اكتشفوه قبل الانتقال إلى تحليل وتأويل هذه المكتشفات في محاولة لإعادة تصوّر تاريخ هذا السوق أو البنى التي سبقته.
أظهرت حفريّات المنطقة المنكوبة عدّة مراحل للبناء تراكب الأحدث منها فوق الأقدم. استطاع الفريق الألماني تمييز ستّة مراحل (أعطاها ألواناً مختلفةً على المخطّط الملحق) ولكنّه نوّه أنّ الحدود بين هذه المراحل مبهمة في أحسن الأحوال وليس بالإمكان تأريخها بصورة قاطعة إلّا في حالة المرحلة الأولى (أواخر عهد الإمبراطوريّة الرومانيّة) والمرحلة الأخيرة (عثمانيّة عندما أعيد بناء السوق بعد حريق الأموي عام ١٨٩٣).
للحديث بقيّة.
Dorothée Sack, Christof Krauskopf, Anne Mollenhauer.
Les Annales Archéologiques Arabes Syriennes Vol. LI-LII 2008-2009 p 101-104.
No comments:
Post a Comment