Saturday, October 27, 2018

بيت لزبونا



عنوان هذه اللوحة من القرن التاسع عشر "صحن وليوان أحد البيوت الخاصّة في دمشق" دون تحديد هويّة البيت ولكنّه بيت لزبونا ما في ذلك من شكّ. استعمل المبشّر الأمريكي W.M.Thomson هذه الصورة في كتابه The Land and The Book لوصف البيت الدمشقي الموسر بشكل عامّ وقبل أن أقوم بترجمة ما كتبه يحسن أن نستعرض بسرعة بعض المعلومات عن هذا القصر أخذتها بتصرّف عن الدكتور Stefan Weber:

بني هذا البيت على مرحلتين رئيستين وتعود البنية الحاليّة لمطلع القرن التاسع عشر. طرأت عليه تعديلات بين ١٨٦٥-١٨٧٢ كلّفت حسب القساطلي ٢٠،٠٠٠ جنيه استرليني (؟) على الأقلّ ويبدو أنّ العمل فيه أنجز عمليّاً قبل زيارته من قبل الليدي Isabel Burton (قرينة القنصل البريطاني) عام ١٨٧٠. شغلته مدرسة يهوديّة حتّى عام ١٩٩٠ وكان ملكاً للسيّد ضاهر حدّاد وفي حالة سيّئة عندما صدرت دراسة الدكتور Weber عام ٢٠٠٩ مع التذكير أنّ ترميمه بدأ عام ١٩٩٧-١٩٩٨.

ننتقل الآن إلى وصف المستشرق الأمريكي للبيت الدمشقي في كتابه الصادر عام ١٨٨٦: 

يبنى جدار البيت الدمشقي الخارجي دائماً من الطين العادي الداكن اللون دون نوافذ وإن وجدت هذه الأخيرة فهي صغيرة للغاية. يتمّ الدخول من الزقاق من خلال باب متواضع إلى أبعد الحدود يؤدّي إلى دهليز ضيّق ومظلم يغلق نهايته الداخليّة بروز أو ستار لحجب الصحن الرئيس من عيون الناطرين. هذا الصحن مربّع على وجه التقريب وغير مسقوف ويمكن أن يتجاوز طوله ١٥٠ قدماً في بعض البيوت الكبيرة. جدران الصحن مبنيّة من الأحجار الكلسيّة البيضاء أو الحمراء أو البازلت الأسود تتناوب في صفوف إلى ارتفاع حوالي ١٥ قدم لتنتهي بحجارة عاديّة. الصحن مبلّط بألواح كبيرة من الرخام الأبيض على محيطها ألواح ضيّقة من الأردواز الأسود تنظم أحياناً في نماذج حلوة وأشكال معقّدة خاصّة أمام مداخل الغرف وحول البحرات. ترتفع البحرة في منتصف الصحن قدمين أو أكثر فوق مستوى الأرض وهي عادة متمّنة الشكل ومكسوّة بالرخام على جوانبها تصاميم وزخارف شديدة الغنى من الأردواز والحجر الكلسي المتعدّد الألوان. تملأ البحرة مياه صافية فوّارة من "نهر دمشق" الذي لا ينضب أبداً وتنجبس هذه المياه من صنابير من الشبه (البرونز) ونوافير في المركز. نرى على حافّة البحرة أزهار مختارة بعناية فائقة منظومة في أصص كبيرة وقربها أشجار فاكهة وأيك للورد وكروم الياسمين الجميلة. يفوح أريج هذه النباتات عبر الديار بكامله لينفذ إلى جميع غرف البيت.

يقع الليوان على جدار الصحن الجنوبي بمواجهة البحرة وهو غرفة مفتوحة يعلوها قوس تحت سقف البناء. بلاط الليوان رخامي تزيّنه نماذج من الفيسفساء المختلفة الأشكال والقياسات والألوان. نشاهد على طول ثلاث من جدران الليوان مقاعد رخاميّة الواجهة يبلغ ارتفاعها قدماً ونصف القدم تغطّيها فرش ملبّسة باللحف ويتكوّم فوقها كثير من الوسائد المغلّفة بالحرير الدمشقي ذو الألوان الزاهية والملمس الثمين. يبلغ ارتفاع القسم المزيّن من جدران الليوان حوالي العشرة أقدام تتناوب فيها صفوف الأحجار الكلسيّة البيضاء والحمراء أو البازلت الأسود تعلوها نماذج غنيّة من الرسوم الجداريّة أو أشغال الفسيفساء في ألواح كبيرة. تحيط بجانبيّ الليوان غرف واسعة عالية الأسقف يبلغ ارتفاعها أحياناً أكثر من ثلاثين قدماً ويتمّ الدخول إليها من أبواب مفتوحة على الليوان تزيّن أحدها على الأقلّ زخارف أكثر غنى من هذا الأخير. كثيراً ما نصادف بحرة رخاميّة في منتصف الغرفة وأمّا الجدران فهي مملوءة بالزخارف الرخاميّة والجصيّة وأشغال الفسيفساء والرسوم الجداريّة الشديدة البذخ.  

يستند السقف على روافد خشبيّة طويلة ونحيلة من الحور المصقول المطلي بالألوان الصارخة وتدهن هذه الروافد بكساء مذهّب في بعض بيوت الأثرياء ويضاف إلى زخارفها قطع صغيرة من المرايا والصدف المرصّع في الخشب تسطع في المنزل. تزيّن ألواح السقف والأبواب وأطر النوافذ والمصاريع زخارف مماثلة ناهيك عن العديد من قطع الخشب المصقول الصغيرة من مختلف الأنواع منظّمة في أشكال مثيرة للفضول يتجاوز عددها الخمسين في اللوح الواحد. تتوزّع أجنحة العائلة والخدم والمطبخ والحمّام حول الصحن في هذا الجانب أو ذاك كما بما يوائم ذوق واحتياجات سكّان المنزل ويوجد في بيوت المسلمين قسم داخلي مستقلّ بالكامل مخصّص للحريم ويتمّ الدخول إليه من صحن المبنى الرئيس. يكون هذا القسم أحياناً أغنى زخرفة وأرقى أثاثاً من يقيّة البيت. 



https://archive.org/stream/landbookorbiblic00thom#page/n7/mode/2up

Stefan Weber
Damascus, Ottoman Modernity and Urban Transformation 1808-1918
Proceedings of the Danish Institute in Damascus V. 2009


No comments:

Post a Comment