Tuesday, October 30, 2018

مآتم دمشق



فيما يلي ترجمة لما لأورده المبشّر الأمريكي W.M.Thomson صفحة ٤٠١-٤٠٢ من طبعة الجزء المتعلّق بلبنان ودمشق وما وراء الأردن Lebanon، Damascus، and Beyond Jordan من كتاب The Land and The Book عام ١٨٨٦. الكلام عن زيارته لمقبرة الباب الصغير وما رآه خلالها:

لم نر خلال تجوالنا على ظهور مطانا ما هو جدير بالذكر في هذا المدفن الإسلامي اللهمّ إلّا خليطاً من القبور المتجمّعة دون ترتيب ولا يوجد أي بناء بارز يلطّف كآبة هذه المدينة الكبيرة للأموات.

مع ذلك هناك بعض القبور الرخاميّة الجميلة ويوجد تحت العديد من القبور العاديّة سراديب تتّسع للعديد من الجثث. يعلوا معظم الشواهد الرخاميّة عمامة مشغولة بعناية وتحتها نقش كتابيّ طويل بالعربيّة يعدّد مآثر المؤمن الذي "ذهب إلى رحمة ربّه" في سلام. يرقد في المقبرة الكبيرة جنوب المدينة على ما يقال ثلاثة من أزواج محمّد وفاطمة ابنة ابنته الأثيرة قرينة علي (*). تكاد مدينة الأموات الساكنة  -هذه البريّة من الأضرحة- أن تكون مهجورة اليوم ولكنّها تزدحم في بعض المناسبات بالنساء والأطفال الذين يأتون لزيارة أضرحة أقربائهم البيضاء ليضعوا عليها أغصان الآس والنخيل النضرة. كثيراً ما يرافقهم مشايخ فقراء من الجوامع لتلاوة القرآن والصلاة على أرواح الأحياء والأموات.

كثيراً ما تكون مظاهر الحزن الجنائزيّة فوق قبور الأقرباء والأصدقاء بعد مواراتهم التراب صاخبة إلى درجة المغالاة إذ يتمّ اكتراء العديد من الندّابات المحترفات اللواتي يبكين ويتأوّهن ويلطمن صدورهنّ وينتفن شعرهنّ حسب ما تقتضيه العادات وما يمليه الاتّفاق ولكن هذا لا يعني انعدام الحزن الحقيقي لدى كافّة طوائف وطبقات الناس في هذه البلاد. هناك -في وسط هذه التظاهرة من الأسى المزيّف- دموع حرّاقة وقلوب تتألّم ورؤوس تنحني تحت المعاناة الصامتة واليأس. طالما ذهبت فاطمة فلانة ومريم فلانة إلى الضريح للبكاء يتبعهنّ المحبّون والأصدقاء لمواساتهنّ عن صدق وعطف لا رياء فيهما. 

* خطأ شائع وليس فقط لدى المستشرقين. فاطمة التي ترقد في الباب الصغير هي ابنة أحمد ابن الحسين ابن السيطي توفّيت عام ١٠٤٨ للميلاد أي في العهد الفاطمي وليست فاطمة ابنة النبي محمّد ولا حفيدته فاطمة ابنة الحسين. 




https://archive.org/stream/landbookorbiblic00thom#page/n7/mode/2up

No comments:

Post a Comment