Sunday, October 28, 2018

بيت في صالحيّة دمشق



لا أعلم من صاحب هذا البيت ولا إذا كان لا يزال موجوداً اليوم ولكنّي أرجح استناداً إلى وصف المبشّر الأمريكي W.M.Thomson أن يكون منزل قنصل بريطانيا في دمشق في منتصف ثلاثينات القرن التاسع عشر السيّد John William Perry Farren.  فلنقرأ سويّة ترجمة ما كتبه مؤلّف كتاب  The Land and The Book عام ١٨٨٦ عن هذا البيت والحيّ الموجود فيه: 

الصالحيّة قرية طويلة وضيّقة يقع القسم الأكبر منها فوق سهل وبساتين دمشق. 

يقال أنّ مناخ الصالحيّة أكثر موائمة للصحّة من دمشق وبناء عليه شيّد كثير من المواطنين الأثرياء بيوتهم فيها لقضاء أشهر الصيف القائظة. قمت في زيارتي الأولى لدمشق بزيارة المستر Farren قنصل بريطانيا الذي كان وقتها مقيماً في إحدى فيلّات الصالحيّة. كان هذا البيت واقعاً في وسط بستان فسيح على مسافة قصيرة من الطريق الحالي وأمّا عن دخوله فيتمّ من خلال باب منخفض يؤدّي إلى الصحن الأمامي. في هذا الصحن بحرة كبيرة مع نافورة يتلاعب فيها الماء وفوقها تعريشة من الورود والأزهار المتسلّقة ونعاين على ثلاث جوانب لهذه التعريشة مصاطب رخاميّة مخصّصة لدواوين ترتفع حوالي قدمين فوق الأرضيّة. هناك حوض بعمق ثلاثة أقدام طوله عشرين قدماً وعرضه اثني عشر قدماً يقع على مسافة قصيرة من التعريشة ووراءه بحرة ثانية مثمنّة الأضلاع مكسوّة بالرخام الأبيض ومنها يجري تمديد المياه إلى حديقة بواسطة قناة مرصوفة بالبلاط الملوّن. يوجد في مركز الصحن الداخلي مستودع مياه جميل ثمانيّ الأوجه تزوّده أربع صنابير من الشبه (البرونز) بشكل رؤوس ثعابين بالمياه الرائقة الباردة.  

علاوة على هاته البحرات والصهاريج والأحواض، هناك قناة تمتدّ على طول جدار الحديقة الغربي وثانية في منتصف هذه الحديقة لريّ الأزهار وسقاية أشجار الفاكهة والخضروات.

بنيت فيلّا المستر Farren على غرار النموذج العامّ للبيوت التي زرناها في دمشق وتتمتّع بالمقدار المألوف من زخارف الجدران والأسقف ولكنّها مفروشة على الطراز الأوروبي وهي بذلك تجمع  الترف الشرقي مع الراحة الغربيّة. 

تسمح غزارة المياه بنموّ كافّة أنواع النباتات في هذه الحدائق بكثافة تثير الدهشة وحتّى الآس هنا يكبر ليشكّل شجرة قويّة البنية. يتردّد الدمشقيّون في نزهاتهم على حيّ الصالحيّة في مواسم الثمر بغية قطاف الحبلاس الذي يؤكل ناضجاً أو يجفّف ليباع في الأسواق.

تعطي هذه البحرات والجداول والأحواض وخزّانات المياه الموزّعة في المدينة وبساتينها دمشق سحراً متميّزاً.  




https://archive.org/stream/landbookorbiblic00thom#page/n7/mode/2up

No comments:

Post a Comment