الديار والكتاب

الديار هي الديار المقدّسة والكتاب هو الكتاب المقدّس أي العهد القديم + العهد الجديد وأمّا عن المؤلّف فهو السيّد William McClure Thomson (١٨٠٦-١٨٩٤) رحّالة ومؤلّف ومبشّر بروتستانتي أمريكي أمضى ٤٥ عاماً من حياته في بلاد الشام العثمانيّة وقتها وقام بوصفها اعتماداً على ما شاهده بأمّ عينه إضافة إلى ما اطّلع عليه من مصادر مختلفة استشهد بها في العديد من المواضع ومن مآثره سبر مغارة جعيتا في وادي نهر الكلب في لبنان التي زارها للمرّة الأولى عام ١٨٣٦ ولاحقاً عام ١٨٧٣.

صدرت الطبعة الأولى من عمله الشهير  The Land and the Book  عام ١٨٥٩ وهو كتاب موجّه بالدرجة الأولى إلى القرّاء من عامّة الناس وليس إلى الأخصّائيبّن وهدفه محاولة ربط رواية الكتاب المقدّس من ابراهيم وموسى إلى عهد المسيح بالموجودات المتبقيّة منها أو شبه الدارسة على أرض الواقع وهو -شأنه في ذلك شأن نظيره الفرنسي الكاثوليكي Victor Guérin- إنسان متديّن ومؤمن ويستخلص ممّا كتب أنّ سرد الكتاب المقدّس بتفاصيله ليس فقط حقيقي وإنّما أيضاً دقيق وعلى سبيل المثال قصّة انشقاق نهر الأردن ليسمح بعبور بني إسرائيل بقيادة يشوع ابن نون إلى الضفّة الغربيّة (كما شقّ موسى البحر الأحمر)، ليس ذلك فحسب وإنّما أيضاً الرقم الخيالي الأسطوري لثلاثة ملايين عبراني (يبدوا رقم المليون والسبعمائة ألف فارسي الذين هاجموا بلاد الإغريق بقيادة Xersis حسب Herodotus معقولاً بالمقارنة)  قاموا بهذا العبور في طريقهم إلى أريحا وذهب إلى حدّ تقدير المساحة المطلوبة لاحتواء خيامهم المزعومة في الضفّة الشرقيّة وبعد الحساب والجمع والطرح استنتج أنّ المكان الذي عاينه فسيح بما فيه الكفاية لهذا الغرض. 

بالنسبة لرأي الكاتب في الإسلام فهو بالطبع سلبي إلى درجة كبيرة ويعتمد إجمالاً على المستشرق الاسكتلندي William Muir (١٨١٩-١٩٠٥) في كتابه الشهير the Life of Mahomet الصادر عام ١٨٦١. في كلّ الأحوال ليس ما يعنينا رأي الكاتب ولا تحليله وإنّما وصفه وهو دقيق بقدر ما تسمح به الوسائل المتواضعة في القرن التاسع عشر وبالتالي فيحسن عدم تجاهله وإغفاله. 

نجح كتاب The Land and the Book إلى أبعد الحدود وفاقت مبيعاته خلال أربعين عاماً كافّة مؤلّفات ذلك العصر باستثناء "كوخ العمّ توم" وأعيدت طباعته مع الإضافة والتنقيح عدّة مرّات وأخصّ بالذكر هنا طبعة عام ١٨٨٦ على ثلاث مجلّدات ضخمة يبلغ عدد صفحاتها قرابة الألفين. إثنان من الأسفار الثلاثة يقتصران عمليّاً على فلسطين وهذا طبيعي نظراً لأهمّيتها المركزيّة لليهود والمسيحييّن. لن أتعرّض لفلسطين بل سأقتصر على الجزء المعنون "لبنان ودمشق وما وراء الأردن" الذي قرأته وبالتحديد على قرابة ثمانين صفحة فيه تتحدّث عن دمشق وجوارها مع حوالي ١٥ لوحة جميلة أنوي تحميلها مع تعليق أو نصّ قصير في الأسابيع القليلة المقبلة.